واشتغاله بالله عن مثل ذلك وعلى رأي المفيد رحمهالله أن الدولة المذكورة من أصلها فاسدة وعلى غير قاعدة مرضية فاهتمامه ع بالوقيعة فيهما حتى أغراهما بتغيير رأي الخليفة عليه فيه ما فيه.
ثم إن نصيحته للمأمون وإشارته عليه بما ينفعه في دينه لا يوجب أن يكون سببا لقتله وموجبا لركوب هذا الأمر العظيم منه وقد كان يكفي في هذا الأمر أن يمنعه عن الدخول عليه أو يكفه عن وعظه.
ثم إنا لا نعرف أن الإبر إذا غرست في العنب صار العنب مسموما ولا يشهد به القياس الطبي والله تعالى أعلم بحال الجميع وإليه المصير وعند الله تجتمع الخصوم. (١)
__________________
(١) قال المجلسيّ (ره) في البحار : أعلم ان أصحابنا والمخالفين اختلفوا ان الرضا (ع) هل مات حتف أنفه أو مضى شهيدا بالسم ، وعلى الأخير هل سمه المأمون لعنه اللّه أو غيره والأشهر بيننا انه (ع) مضى شهيدا بسم المأمون ، وينسب إلى السيّد عليّ بن طاوس انه أنكر ذلك وكذا أنكره الأربلي في كشف الغمّة وردّ ما ذكره المفيد (ره) بوجوه سخيفة ، ثمّ ذكر كلام المؤلّف (ره) ـ ثم قال : ولا يخفى وهنه إذا الوقيعة في ابني سهل لم يكن للدنيا حتى يمنعه الاشتغال بعبادة اللّه تعالى بل كان ذلك لما وجب عليه من الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ورفع الظلم عن المسلمين مهما أمكن.
وكون خلافة المأمون فاسدة أيضا لا يمنع منه كما لا يمنع بطلان خلافة الغاصبين ارشاد أمير المؤمنين إياهم لمصالح المسلمين في الغزوات وغيرها.
ثمّ انه ظاهران نصيحة الأشقياء ووعظهم بمحضر الناس لا سيما المدعين للفضل والخلافة ممّا يثير حقدهم وحسدهم وغيظهم مع أنه لعنه اللّه كان أول أمره مبنيا على الحيلة والخديعة لاطفاء نائرة الفتن الحادثة من الاشراف والسادة من العلويين في الأطراف فلما استقر امره أظهر كيده فالحق ما اختاره الصدوق والمفيد وغيرهما من أجلة أصحابنا انه مضى شهيدا بسم المأمون.