الرجال حتى قتل منهم مقتلة كثيرة فتقدم إليه شمر بن ذي الجوشن في جمعه وسيأتي تفصيل ما جرى بعد ذلك في فصل مصرعه ع إن شاء الله.
هذا وهو كالليث المغضب لا يحمل على أحد منهم إلا نفحه بسيفه (١) فألحقه بالحضيض فيكفي ذلك في تحقيق شجاعته وشرف نفسه شاهدا صادقا فلا حاجة معه إلى ازدياد في الاستشهاد آخر كلام كمال الدين رحمهالله.
قلت شجاعة الحسين ع يضرب بها المثل وصبره في مأقط الحرب (٢) أعجز الأواخر والأول وثباته إذا دعيت نزال ثبات الجبل وإقدامه إذا ضاق المجال إقدام الأجل ومقامه في مقابلة هؤلاء الفجرة عادل مقام جده ص ببدر فاعتدل وصبره على كثرة أعدائه وقلة أنصاره صبر أبيه ع في صفين والجمل ومشرب العداوة واحد فبفعل الأول فعل الآخر ما فعل فكم من فارس مدل ببأسه جدله ع فانجدل وكم من بطل طل دمه فبطل وكم حكم سيفه فحكم في الهوادي والقلل فما لاقى شجاعا إلا وكان لأمه الهبل وحشرهم الله وجازى كلا بما قدم من العمل وإذا علمت أن شعار الحسين ع وأصحابه أعل يا حق وشعار أعدائه أعل هبل علمت أن هؤلاء في نعيم لا يزول وأولئك في شقاء لم يزل وكما قتل أبوه وانتقل إلى جوار ربه قتل هو وانتقل وكان له عند الله مرتبة لا تنال إلا بالشهادة فتم له ما أراد وكمل وباء قاتلوه بنار الله المؤصدة في الآخرة ولا يهدي الله من أضل وما سلموا من آفات الدنيا بل عجلت لهم العقوبة فعمت من رضي ومن خذل ومن قتل فتبا لآرائهم الغائلة وعقولهم الذاهلة فلقد أعماهم القضاء إذ نزل (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) وسمعهم وأبصارهم فما منهم إلا من جار عن الصواب وعدل فما أنصف ولا عدل وضلوا عن الحق فما لهم فيه قول ولا عمل وقبحا وشقحا (٣) لتلك القلوب التي غطاها الرين فلم تفرق بين ما علا واستفل وسوأة لتلك الوجوه التي شوهها الكفر والفسوق والعصيان وسودها الخطأ والخطل وسبة
__________________
(١) نفحه بسيفه : تناوله به من بعيد أو ضربه بطائفة منه.
(٢) الماقط : المكان الضيق في الحرب على ما قيل.
(٣) قبحا وشقحا : أتباع وقيل معناهما واحد.