صدرك مما وصف الله عزوجل في كتابه ، ولا تجعل كلامه ككلام البشر ، وهو أعظم وأجلّ وأكرم وأعزّ تبارك وتعالى من أن يصفه الواصفون إلّا بما وصف به نفسه في قوله عزوجل : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) قال : فرجت عني يا أمير المؤمنين فرّج الله عنك ، وحللت عنّي عقدة.
فقال عليهالسلام : وأمّا قوله : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) وذكر الله المؤمنين (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) وقوله لغيرهم : (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ) وقوله : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) فأمّا قوله : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) يعني البعث فسمّاه الله عزوجل لقاءه ، وكذلك ذكر المؤمنين (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) يعني يوقنون أنّهم يبعثون ويحشرون ويحاسبون ويجزون بالثواب والعقاب ، فالظنّ هاهنا اليقين خاصّة ، وكذلك قوله : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) وقوله : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) يعني : من كان يؤمن بأنّه مبعوث فإنّ وعد الله لآت من الثواب والعقاب ، فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية ، واللقاء هو البعث. فافهم جميع ما فى كتاب الله من لقائه فإنّه يعني بذلك البعث ، وكذلك قوله : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) يعني أنّه لا يزول الإيمان عن قلوبهم يوم يبعثون ، قال : فرّجت عنّي يا أمير المؤمنين فرّج الله عنك ، فقد حللت عنّي عقدة.
فقال عليهالسلام : وأمّا قوله : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) يعني أيقنوا أنّهم داخلوها ، وكذلك قوله : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) يقول : إنّي أيقنت أنّي ابعث فاحاسب ، وكذلك قوله : (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) وأمّا قوله للمنافقين : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) فهذا الظنّ ظن شك وليس ظنّ يقين ، والظنّ ظنّان : ظنّ شك وظنّ يقين ، فما كان من أمر معاد من الظنّ فهو ظنّ يقين ، وما كان من أمر الدّنيا فهو ظنّ شك فافهم ما فسرت لك ، قال : فرّجت عنّي يا أمير المؤمنين فرّج الله عنك.