الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) وقال : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) فمرّة يخبر أنّهم يظنون ومرّة يخبر أنّهم يعلمون ، والظن شك فأنّى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشكّ فيما تسمع.
قال : هات ما شككت فيه ، قال : وأجد الله تعالى يقول : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) وقال : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) وقال : (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) وقال : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) فأنّى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشكّ فيما تسمع.
قال : هات ويحك ما شككت فيه ، قال : وأجد الله تعالى يقول : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) وقال : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقال : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) وقال : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) وقال : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع ، وقد هلكت إن لم ترحمني وتشرح لي صدري فيما عسى أن يجري ذلك على يديك ، فإن كان الرّبّ تبارك وتعالى حقّا والكتاب حقّا والرّسل حقّا فقد هلكت وخسرت ، وإن تكن الرّسل باطلا فما عليّ بأس وقد نجوت.
فقال عليّ عليهالسلام : قدوس ربّنا قدوس تبارك وتعالى علوا كبيرا ، نشهد أنّه هو الدائم الّذي لا يزول ، ولا نشك فيه ، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وأنّ الكتاب حقّ والرّسل حقّ ، وأنّ الثواب والعقاب حقّ ، فإن رزقت زيادة إيمان أو حرمته فإنّ ذلك بيد الله ، إن شاء رزقك وإن شاء حرمك ذلك ، ولكن سأعلّمك ما شككت فيه ، ولا قوّة إلّا بالله ، فإن أراد الله بك خيرا أعلمك بعلمه وثبّتك ، وإن يكن شرا ظللت وهلكت.