من أرض يمنعكم أهلها من الإيمان والإخلاص في عبادتي ، وقال أبو عبد الله عليهالسلام معناه إذا عصي الله في أرض وأنت فيها فاخرج منها إلى غيرها.
ونقل في الكشاف (١) قولا بأنّها نزلت في المستضعفين بمكّة الّذين نزل فيهم (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) (٢) وإنّما كان ذلك لانّ أمر دينهم ما كان يستتبّ لهم بين ظهراني الكفرة.
وقال تعالى (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) (٣) طالبا لمرضاته (ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ) بالجزم عطفا على مدخول الشرط ، وقرئ مرفوعا على أنّه خبر مبتدأ محذوف أي ثمّ هو يدركه ، ومنصوبا على إضمار أن كقوله :
وألحق بالحجاز فأستريحا
(فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) فقد وجب ثوابه عليه ، وحقيقة الوجوب الوقوع والسقوط ، وفيها دلالة على أنّ العمل يوجب الثواب فيكون مستحقّا على الله تعالى كما يذهب إليه أصحابنا والمعتزلة.
[بيانه أنّ الأجر عبارة عن المنفعة المستحقّة فأمّا الّذي لا يكون مستحقّا لا يسمّى أجرا بل هبة] (٤) وأجاب الأشاعرة بأنّ الثواب يقع البتّة ، لكن بحكم العدل والتفضّل والكرم لا بحكم الاستحقاق ، والمعنى فقد علم الله كيف يثيبه وفيه تأمّل.
(وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) يغفر ذنوب عباده ويرحمهم ، قيل إنّها نزلت في جندب بن ضمرة (٥) وذلك لأنّه لمّا نزلت الآية السّابقة أعني قوله (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ
__________________
(١) انظر الكشاف ج ٣ ص ٤٦١ ط دار الكتاب العربي.
(٢) النساء : ٩٩.
(٣) النساء : ١٠١.
(٤) من زيادات سن.
(٥) المجمع ج ٢ ص ١٠٠ وفيه جندع أو جندب بن ضمرة ، وانظر أيضا الدر المنثور ج ٢ ص ٢٠٨ واسد الغابة ج ١ ص ٣٠٣ والاستيعاب ذيل الإصابة ج ١ ص ٢١٩ والإصابة ج ١ ص ٢٥٣ الرقم ١٢٣٣ وفيه البحث عن اختلاف اسمه مبسوطا.