وانعقد عليه الإجماع.
(وَاتَّقُوا اللهَ) في المحافظة على حدوده وما أمركم به ونهاكم عنه في الحجّ وغيره (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن خالف أوامره ونواهيه ، ولم يتّقه ، وإنّما أمر بالعلم لأنّ العالم بذلك لا يخالف أمره قطعا ، فانّ علمه يمنعه ويصدّه عن ذلك ، كما هو شأن العلم الحقيقيّ ، فيكون العلم بشدّة عقابه لطفا في التقوى للعالم به.
الثانية : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) (١).
(الْحَجُّ) مبتدأ خبره (أَشْهُرٌ) أي زمان الحجّ أو وقته ليصحّ الحمل كقولك البرد شهران (مَعْلُوماتٌ) معروفات [موقّتات في أوقات معيّنة] لا يصحّ وقوع الحجّ إلّا فيها خلاف ما كان عليه أهل الجاهليّة من النسيء قبل ، وظاهر الجمع يقتضي أنّ أشهر الحجّ ثلثة ، إذ هي أقلّ الجمع وعلى هذا أكثر أصحابنا ، وقال السيّد المرتضى وجماعة إنّها شوّال وذو القعدة وعشر من ذي الحجّة وقيل تسع من ذي الحجّة مع ليلة العاشر إلى طلوع الفجر ، وقيل إلى طلوع الشّمس.
وهذا الخلاف عند العامّة أيضا فمالك على أنّها الثلثة بتمامها ، وأبو حنيفة على الثّاني والشّافعي على الثّالث ، والوجه في الإطلاق حينئذ التجوّز تنزيلا لبعض الشّهر منزلة كلّه ، أو بناء على إطلاق الجمع على ما فوق الواحد ، وكلا الوجهين بعيد لأصالة عدم التجوّز ، وإطلاق الجمع على ما فوق الواحد بلا قرينة في محلّ المنع.
__________________
(١) البقرة : ١٩٧.