الزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) (١).
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ) خلق وابتدع لا على مثال (جَنَّاتٍ) بساتين مختلفة الأشجار (مَعْرُوشاتٍ) مرفوعات الدعائم ، قيل هو ما عرشه الناس من الكروم (وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) ملقاة على وجه الأرض ، وقيل المعروشات ما غرسه الناس فعرشوه ، وغير معروشات ما نبت في البراري والجبال من قبل نفسه (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ) عطف على جنّات ، أي وأنشأ النخل والزرع (مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ) ثمره الّذي يؤكل في الهيئة والكيفيّة ، والضمير إمّا للزرع والباقي في حكمه ، وإمّا للنخل والزرع داخل في حكمه لكونه معطوفا عليه أو للجميع بتأويل ذلك أو كلّ واحد ، ومختلفا حال مقدّرة أي مقدّرا اختلاف (٢) أكله لأنّه لم يكن كذلك عند الإنشاء.
(وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) تشابه بعض أفرادهما في اللون والطعم ولا تشابه (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) من ثمر كلّ واحد من ذلك (إِذا أَثْمَرَ) وإن لم يدرك ولم ينع بعد ، وقيل فائدته رخصة المالك في الأكل منه قبل أداء حقّ الله.
(وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) قد يستدلّ بالآية على وجوب الزكاة في الزيتون لأنّه تعالى عقّب إيتاء الحقّ بعد ذكره ، وإلى هذا يذهب جماعة من العامّة ، وفيه نظر : فإنّ الآية إنّما تدلّ على الإيتاء ممّا ثبت فيه الحصاد ، ولهذا لا تجب الزكاة في الرمّان وإن ذكر بعد الزيتون هذا.
وقد اختلف في الحقّ الّذي يجب إخراجه يوم الحصاد ، فقيل هو الزكاة العشر أو نصف العشر ، والأكثر على أنّها مدنيّة لا مكّيّة فلا نسخ والأمر بإيتائها يوم الحصاد لتهيّئهم به حينئذ حتّى لا يؤخّر عن وقت الأداء.
وقيل : إنّ المراد به ما يتصدّق به يوم الحصاد لا الزكاة المقدّرة ، نظرا إلى
__________________
(١) الأنعام : ١٤١.
(٢) حال اكله خ ل.