على الجوار مع كونه صفة العذاب ، وحور عين بالجرّ في قراءة حمزة والكسائي فإنّه على الجوار إذ هو معطوف على ولدان مخلّدون لا على أكواب وأباريق كما سيجيء. وقولهم : جحر ضبّ خرب ، وللنحاة باب واسع في ذلك ، ويردّه أنّ جرّ الجوار ضعيف جدّا (١) حتّى أنّ أكثر أهل العربيّة أنكروه ، ومن ثمّ لم يذكره صاحب الكشّاف في توجيه قراءة الجرّ ، ومن جوّزه فقد اعتبر فيه شرطين :
الأوّل : عدم تأديته إلى الالتباس على السامع كما في الأمثلة المذكورة فإنّ الألم إنّما هو للعذاب ، والخرب للجحر ونحو ذلك.
والثاني : أن لا يكون معه حرف العطف ، والشرطان فيما نحن فيه مفقودان : أمّا الأوّل فلالتباس حكم الأرجل بسبب تكافئ احتمالي الجرّ بالجوار المقتضى للغسل وبالعطف على الأقرب المقتضى للمسح ، وأمّا الثاني فظاهر ولو قيل : إنّ وحور عين مجرورة بالجوار علي ما عرفت مع وجود حرف العطف وليست معطوفة على أكواب وأباريق. إذ ليس المعنى أنّ الولدان يطوفون عليهم بالحور بل على ولدان لأنّهنّ طائفات بأنفسهنّ ، وقد جاء أيضا في قول الشاعر :
فهل أنت إن ماتت أتانك راحل |
|
إلى آل بسطام بن قيس فخاطب (٢) |
__________________
(١) انظر تعليقتنا على كنز العرفان ج ١ ص ١٦ وما ذكره أهل الأدب من ضعف الجر بالجوار وانظر أيضا الانصاف لابن الأنباري ص ٦١٥.
(٢) البيت أنشده في التهذيب ج ١ ص ٦٨ والتبيان ج ١ ص ٥١٣ وأبى الفتوح ص ١٢٨ ج ٤ والصراط المستقيم ج ٣ ص ٢٦٣ والبحار ج ١٨ ص ٥٩ وكنز العرفان ج ١ ص ١٧ أحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٤٢٢ والمصراع الأول فيه :
فهل أنت إن ماتت أنانك راكب والبيت بعده كما نقله الجصاص :
فنل مثلها في مثلهم أو فلمهم |
|
على دارمى بين ليلى وغالب |
ولم نعرف قائل البيت ، ونسب إلى جرير ولم يثبت. ثم الأتان على ما في لسان العرب الحمارة ، والجمع : آتن مثل عناق واعنق ، وتطلق على المرأة الرعناء على التشبيه بالاتان ـ