ولعلّ مراد الشيخ وقت الفضيلة وهو لا ينافي الإجزاء إلى طلوع الشمس أو الغروب ، ويحتمل أن يراد من التسبيح فيها ما هو المتبادر منه : أي التنزيه ، والمراد نزّه الله تعالى عن الشرك وسائر ما ينسبون إليه من النقائص حامدا له على ما سرّك بالهدي في هذه الأوقات معترفا بأنّه المولى للنعم كلّها ، وعلى هذا فتسقط الدلالة على ما ذكر.
الخامسة : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ) (١).
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي نزّهه عمّا لا يليق به وعن الوصف بما يوجب التشبيه حامدا له على ما أنعم عليك فالمراد به التسبيح حقيقة.
ويحتمل أن يراد به الصلاة في الأوقات المخصوصة سمّاها تسبيحا لأنّ الصلاة تشتمل على التسبيح على ما تقدّم.
(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) : أي صلاة الفجر.
(وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) : أي صلاة العصر ، وقيل الظهر والعصر.
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) : أي المغرب والعشاء وتأخير الفعل لمزيد الاختصاص كما تقدّم ، ويؤيّد الأوّل ما روي عن أبى عبد الله عليهالسلام (٢) أنّه سئل عن قول الله تعالى (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ). فقال تقول حين تصبح وحين تمسى عشر مرّات لا إله إلّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت ، وهو على كلّ شيء قدير.
(وَأَدْبارَ السُّجُودِ) قيل : المراد به النوافل بعد المكتوبات ، وعن عليّ عليهالسلام الركعتان بعد المغرب (٣) وروي العامّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله (٤) أنّه قال : من صلّى بعد
__________________
(١) ق ٣٩ و ٤٠.
(٢) انظر المجمع ج ٥ ص ١٥٠ والبحار ج ١٨ ب ٤٨٩ وقلائد الدرر ج ١ ص ١٠٨.
(٣) المجمع ج ٥ ص ١٥٠.
(٤) انظر نيل الأوطار ج ٣ ص ٥٩ أخرجه عن الديلمي في مسند الفردوس ، وكذا في فيض القدير ج ٦ ص ١٦٧ وقريب منه الرقم ٨٨٠٢ من الجامع الصغير عن جامع عبد الرزاق.