طاعات يتقرّب بها في بعض الليل إشارة إلى نافلة الليل المشهورة ، وحينئذ فيكون زلفا معطوفة على الصلاة : أي أقم الصلاة الواجبة ، وأقم زلفا من الليل على معنى وأقم صلاة تتقرّب بها إلى الله ، ويمكن الاستدلال بالآية على كلّ من الوجوه على اتّساع وقت صلاة الظهرين بنحو ما تقدّم. فتأمّل.
(إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) أي تكفّرنّها ، والمراد أنّ الصلوات الخمس تكفّر ما بينها من الذنوب لأنّه عرّف الحسنات بالألف واللام ، وقد تقدّم ذكر الصلاة فيكون هو المراد ونقله في التبيان عن ابن عبّاس وأكثر المفسّرين ، والمعنى أنّ الصلاة تذهب بالمعصية على وجه التكفير إذا كانت المعصية صغيرة ، ويؤيّده ما في الحديث أنّ الصلاة إلى الصلاة كفّارة ما بينهما (١) ما اجتنب الكبائر ، وفي رواية أبي حمزة الثمالي (٢) عن أحدهما عليهماالسلام في حديث طويل عن علىّ عليهالسلام قال : سمعت حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : أرجى آية في كتاب الله وأقم الصلاة طرفي النهار إلى آخرها ، والّذي بعثني بالحقّ بشيرا ونذيرا أنّ أحدكم ليقوم في وضوءه فتساقط من جوارحه الذنوب ، فإذا استقبل الله بوجهه وقلبه لم ينفتل وعليه من ذنوبه شيء كما ولدته امّه. فإن أصاب شيئا بين الصلوتين كان له مثل ذلك حتّى عدّ الصلوات الخمس. ثمّ قال : يا علىّ إنّما منزلة الصلوات الخمس لأمّتي كنهر جار على باب أحدكم فما يظنّ أحدكم لو كان في جسده درن. ثمّ اغتسل في ذلك النهر خمس مرّات أكان يبقى في جسده درن؟ ، فكذلك والله الصلوات الخمس لأمّتي.
وقيل : إنّ المراد بالحسنات التوبة فإنّها تذهب السيّئات : أي تسقط عقابها. إذ لا خلاف في أنّ العقاب يسقط عند التوبة كما قال الشيخ في التبيان والطبرسي في مجمع البيان.
__________________
(١) انظر أبواب فضل الصلاة وانتظار الصلاة ، وتفسير هذه الآية من كتب الشيعة وأهل السنة ترى الأحاديث بهذا المضمون كثيرة.
(٢) انظر العياشي ج ٢ ص ١٦١ والبرهان ج ٢ ص ٢٣٩.