أنّه مقام الشفاعة بل قال في التبيان : قد أجمع المفسّرون على أنّ المقام المحمود هو مقام الشفاعة ، وهو المقام الّذي يشفع فيه للناس.
ويؤيّده ما رواه العامّة عن أبي هريرة : أنّه قال : هو المقام الّذي أشفع فيه لأمّتي (١) ولإشعاره بأنّ الناس يحمدونه لقيامه فيه ، وظاهر أنّ الحمد إنّما يكون بإذاء الإنعام ، ولا إنعام للنبيّ على أمّته في الآخرة إلّا إنعام الشفاعة. إذ لا إنعام أجلّ منها لأنّ السعي في تخليص الغير من العقاب أهمّ من السعي في إيصال الثواب إليه.
الثانية : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) (٢).
(أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) غدوة وعشيّة يعنى صلاة الفجر والمغرب في قول ابن عبّاس وجماعة ، وقال الزجاج : الغداة والظهر والعصر ، وبه قال : جماعة نظرا إلى أنّ ما بعد الزوال عشيّة فيشمل الصلوتين ، واحتمل الشيخ في التبيان أن يراد بهما صلاة الفجر والعصر لأنّ طرف الشيء من الشيء ، وصلاة المغرب ليست من النهار فلا تكون داخلة في أحد طرفيه قلت : إلى هذا يذهب أبو حنيفة ، وبه استدلّ على أنّ التنوير بالفجر أفضل وتأخير العصر أفضل لأنّ الأمّة أجمعت على نفس الطرفين ، وهما وقت طلوع الشمس وغروبها لا يصلح لإقامة الصلاة فكلّ وقت يكون أقرب إلى الطرفين يكون أولى بإقامة الصلاة فيه حملا للمجاز على ما هو أقرب إلى الحقيقة ما أمكن ، وقد يقال : هذا لا يتمشى في صلاة الفجر لأنّ الطرف الأوّل للنهار في الشرع هو طلوع الصبح الصادق لا طلوع الشمس ، وظاهر أنّ التنوير مبعّد للصلاة عنه لا مقرّب. فتأمّل. وانتصابه على الظرفية.
__________________
(١) انظر فتح القدير للشوكانى ج ٣ ص ٢٤٦ أخرجه عن أحمد والترمذي وابن جرير وابن أبى حاتم والبيهقي.
(٢) هود ١١٥.