وحاصله على ما ذكره بعضهم أنّ الهجود في الأصل هو النوم بالليل ولكنّ ـ تاء ـ التفعّل فيه لأجل التجنّب ومنه تأثّم وتجرّح إذا ألقى الإثم والجرح عن نفسه فكان التهجّد يدفع الهجود عن نفسه.
قيل : ومعنى ومن الليل وعليك ببعض الليل فتهجّد به.
وقيل : معناه وأقم الصلاة في بعض الليل فتهجّد به ، والضمير المجرور للقرآن (نافِلَةً لَكَ) أي فريضة زائدة لك على الصلوات الخمس المفروضة فإن النفل بمعنى الزيادة فيكون من خواصّه عليهالسلام أو فضيلة لك لاختصاص وجوبها بك.
وقيل : إنّ المراد بالنافلة معناها وقد كانت صلاة الليل واجبة عليه ونسخ وجوبها بهذه الآية ، وفيه أنّ ظاهر الأمر الوجوب فيكون بين قوله : فتهجّد ، وبين قوله نافلة لك تعارض ، وبأنّ النافلة لا تنافي الوجوب فلا يتمّ النسخ فالمراد بها إمّا فريضة زائدة لك على ما تقدّم أو فضيلة مختصّة بك لاختصاص وجوبها به صلىاللهعليهوآله ولو قطع النظر عن الوجوب لأمكن أن يوجّه اختصاصها به صلىاللهعليهوآله بأنّ طاعة العباد كفّارة لذنوبهم أمّا النبيّ صلىاللهعليهوآله فطاعاته مؤثّرة في زيادة الدرجات وكثرة الثواب. فكأنّه قيل : إلّا أن يقال : قوله نافلة قرينة صارفة للوجوب إلى الندب.
وقيل : إنّ معناه فضيلة لك فإنّ كلّ طاعة يأتي بها النبيّ صلىاللهعليهوآله سوى المكتوبة فإنّ تأثيرها لا يكون في كفّارة الذنوب لأنّه قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، وإنّما يكون مؤثّرة في زيادة الدرجات وكثرة الثواب ولا كذلك حال الأمّة فكأنّه قيل للنبي صلىاللهعليهوآله : إنّ هذه الطاعات زوائد ونوافل في حقّك لا في حقّ غيرك لأنّ غيرك يحتاج إليها في تكفير السيّئات.
وقيل : معناه نافلة لك ولغيرك وإنّما اختصّه بالخطاب لما في ذلك من دعا الغير للاقتداء به والحثّ على الاستنان بسنّته.
(عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) انتصابه على الظرف بإضمار فعله : أى فيقيمك مقاما أو بتضمين يبعثك معناه ، ويجوز على الحال بمعنى يبعثك ذا مقام محمود يحمده القائم فيه ، وكلّ من عرفه ، وهو مطلق في كلّ مقام يتضمّن كرامته ، والمشهور