سهيل بن عمرو على النبي صلىاللهعليهوسلم أنه لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا ، وخليت بيننا وبينه ، فكره المؤمنون ذلك وأبى سهيل إلا ذلك فكاتبه النبي صلىاللهعليهوسلم على ذلك ، فرد النبي صلىاللهعليهوسلم يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما ، وجاءت المؤمنات مهاجرات ، وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يومئذ مهاجرة وهي عاتق ، فجاء أهلها يسألون النبي صلىاللهعليهوسلم أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن : (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَ) إلى (وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ).
[٢١٧٩] قال عروة فأخبرتني عائشة رضي الله تعالى عنها ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يمتحنهن بهذه الآية : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ) إلى قوله (غَفُورٌ رَحِيمٌ).
قال عروة : قالت عائشة رضي الله عنها : فمن أقرت بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قد بايعتك [كلاما يكلمها به](١) والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ما بايعهن إلا بقوله.
[٢١٨٠] قال ابن عباس : أقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم معتمرا حتى إذا كان بالحديبية صالحه مشركو مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يردوه عليه وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه ، فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب ، فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم ـ وقال مقاتل : صيفي بن الراهب ـ في طلبها ، وكان كافرا ، فقال : يا محمد ردّ على امرأتي فإنك قد شرطت أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طية الكتاب لم تجف بعد ، فأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ) ، من دار الكفر إلى دار الإسلام ، (فَامْتَحِنُوهُنَ).
قال ابن عباس : امتحانها أن تستحلف ما خرجت لبغض زوج (٢) ولا عشقا لرجل من المسلمين ولا رغبة عن أرض إلى أرض ولا لحدث أحدثته ولا لالتماس دنيا ، وما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحبا لله ولرسوله ، قال : فاستحلفها رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ذلك فحلفت فلم يردها ، وأعطى زوجها مهرها وما أنفق عليها ، فتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان يرد من جاءه من الرجال ، ويحبس من جاءه من النساء بعد الامتحان ويعطي أزواجهن مهورهن (٣).
(اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَ) أي هذا الامتحان لكم والله أعلم بإيمانهن ، (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) ، ما أحل الله مؤمنة لكافر ، (وَآتُوهُمْ) ، يعني أزواجهن الكفار ، (ما أَنْفَقُوا) ، عليهن يعني المهر الذي دفعوا إليهن ، (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ، أي مهورهن ، أباح الله نكاحهن للمسلمين ، وإن كان لهن أزواج في دار الكفر لأن الإسلام فرق بينهن وبين
__________________
[٢١٧٩] ـ صحيح. أخرجه البخاري ٥٢٨٨ و ٤٨٩١ وابن ماجه ٢٨٧٥ والطبري ٣٣٩٦٠ عن عروة به.
[٢١٨٠] ـ ذكره المصنف هاهنا عن ابن عباس معلقا.
ـ وكذا ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٨١٤ عن ابن عباس بدون إسناد ، فهذا لا شيء ، لخلوه عن الإسناد.
ـ وورد في «الإصابة» ٤ / ٥٢٤ ـ ٥٢٥ : أن سبيعة بنت الحارث أول امرأة ـ أسلمت بعد صلح الحديبية إثر العقد وطي الكتاب ، ولم تخف فنزلت آية الامتحان.
ـ وانظر «أحكام القرآن» ٢٠٨٤ فما بعده بتخريجي.
(١) زيد في المطبوع.
(٢) في المطبوع «لبعض زوجها».
(٣) لم أره مسندا.