أزواجهن الكفار ، (وَلا تُمْسِكُوا) ، قرأ أبو عمرو ويعقوب بالتشديد ، والآخرون بالتخفيف من الإمساك ، (بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) ، والعصم جمع العصمة وهي ما يعتصم به من العقد والنسب ، والكوافر جمع الكافرة ، نهى الله المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات ، يقول من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتد بها فقد انقطعت عصمة الزوجية بينهما.
[٢١٨١] قال الزهري : فلما نزلت هذه الآية طلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأتين كانتا له بمكة مشركتين قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة ، فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان ، وهما على شركهما بمكة ، والأخرى أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية أم ابنه عبد الله بن عمر ، فتزوجها أبو جهم بن حذافة بن غانم وهما على شركهما ، وكانت أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب تحت طلحة بن عبيد الله فهاجر طلحة وهي بمكة على دين قومها ، ففرق الإسلام بينهما فتزوجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص بن أمية.
[٢١٨٢] قال الشعبي : وكانت زينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم امرأة أبي العاص بن الربيع أسلمت ولحقت بالنبي صلىاللهعليهوسلم وأقام أبو العاص بمكة مشركا ثم أتى المدينة فأسلم فردها عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(وَسْئَلُوا) ، أيها المؤمنون ، (ما أَنْفَقْتُمْ) ، أي إن لحقت امرأة منكم بالمشركين مرتدة فاسألوا ما أنفقتم من المهر إذا منعوها ممن تزوجها منهم ، (وَلْيَسْئَلُوا) ، يعني المشركين الذين لحقت أزواجهنّ بكم (ما أَنْفَقُوا) ، من المهر ممن تزوجها منكم ، (ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ، قال الزهري : لو لا الهدنة والعهد الذي كان بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين قريش يوم الحديبية لأمسك النساء ولم يرد الصداق ، وكذلك كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد ، فلما نزلت هذه الآية أقر المؤمنون بحكم الله عزوجل وأدوا ما أمروا به من نفقات [المشركين على نسائهم ، وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما أمروا من أداء نفقات المسلمين على نسائهم](١).
(وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١))
فأنزل الله عزوجل : (وَإِنْ فاتَكُمْ) ، أيها المؤمنون ، (شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ) ، فلحقن بهم مرتدات ، (فَعاقَبْتُمْ).
قال المفسرون : معناه غنمتم أي غزوتم فأصبتم من الكفار عقبى وهي الغنيمة ، وقيل ظهرتم وكانت العاقبة لكم ، وقيل : أصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم ، قرأ حميد الأعرج فعقبتم بالتشديد وقرأ الزهري فعقبتم خفيفة بغير ألف ، وقرأ مجاهد فأعقبتم أي صنعتم بهم كما صنعوا بكم وكلها لغات
__________________
[٢١٨١] ـ أخرجه الطبري ٣٣٩٨١ من طريق محمد بن إسحاق قال : وقال الزهري : لما نزلت ... فذكره مرسلا.
ـ وعلقه البخاري ٢٧٣٣ عن عقيل عن الزهري : قال عروة فأخبرتني عائشة ... فذكره بنحوه ، وليس فيه ذكر أروى ، وطلحة. وقال ابن حجر في «فتح الباري» ٥ / ٣٥١ : تقدم موصولا بتمامه في أول الشروط.
ـ وأخرجه الطبري ٣٣٩٨٠ من طريق يونس عن ابن شهاب مرسلا ، وليس فيه ذكر أروى وطلحة.
[٢١٨٢] ـ ذكره هكذا تعليقا ، وهو مرسل ، وتقدم في أبحاث النكاح ، وعقود المشركين.
(١) زيد في المطبوع.