والأصل في ذلك عندهم : أنّ الشبهة في الحكم (٢٠٦٦) الكلّي لا مرجع فيها إلّا الاحتياط دون البراءة أو الاستصحاب ؛ فإنّهما عندهم مختصّان بالشبهة في الموضوع.
وعلى الإطلاق الثاني جرى بعض آخر. قال المحقّق الخوانساري في مسألة الاستنجاء بالأحجار : وينقسم الاستصحاب إلى قسمين ، باعتبار الحكم المأخوذ فيه إلى شرعيّ وغيره. ومثّل للأوّل بنجاسة الثوب أو البدن ، وللثاني برطوبته ، ثمّ قال : ذهب بعضهم إلى حجّيته بقسميه ، وبعضهم إلى حجّية القسم الأوّل فقط (١٥) ، انتهى.
إذا عرفت ما ذكرناه ، ظهر أنّ عدّ القول بالتفصيل بين الأحكام الشرعيّة والامور الخارجية قولين متعاكسين ليس على ما ينبغي (٢٠٦٧) ؛ لأنّ المراد بالحكم الشرعيّ : إن كان هو الحكم الكلّي الذي أنكره الأخباريّون فليس هنا من يقول باعتبار الاستصحاب فيه ونفيه في غيره ؛ فإنّ ما حكاه المحقّق الخوانساري واستظهره السبزواري هو اعتباره في الحكم الشرعيّ بالإطلاق الثاني الذي هو أعمّ من الأوّل. وإن اريد بالحكم الشرعيّ الإطلاق الثاني الأعم ، فلم يقل أحد باعتباره في غير الحكم
______________________________________________________
٢٠٦٦. الاولى تقييدها بالتحريميّة ، لأنّ المرجع في الشبهة الوجوبيّة عند أكثر الأخباريّين هي البراءة. نعم ، يظهر من الأمين الأسترآبادي كون المرجع فيها أيضا هو الاحتياط ، كما تقدّم في محلّه.
٢٠٦٧. اللهمّ إلّا أن يريد بالحكم الشرعيّ على القول بالتفصيل ـ بإنكار الاستصحاب في الحكم الشرعيّ ، وتسليمه في غيره ـ الإطلاق الأوّل كما هو مذهب الأخباريّين ، وفي عكسه الإطلاق الثاني ، كما هو مقتضى القول المحكيّ في كلام المحقّق الخوانساري.
ثمّ إنّ التفصيل المتصوّر بين الحكم الشرعيّ وغيره على وجوه :
أحدها : التفصيل بالقول باعتبار الاستصحاب في الحكم الشرعيّ بالمعنى الأخصّ دون غيره. وهذا هو الذي أنكر وجود قائل به.