غير ذلك الوقت ، كما لا يخفى. فكيف يكون الحكم المعلّق عليه ثابتا في غير ذلك الوقت؟!
فالذي يقتضيه النظر بدون ملاحظة الروايات : أنّه إذا علم تحقّق العلامة الوضعيّة تعلّق الحكم بالمكلّف ، وإذا زال ذلك العلم بطروّ الشك ـ بل الظنّ أيضا ـ يتوقّف عن الحكم بثبوت ذلك الحكم الثابت اوّلا ، إلّا أنّ الظاهر من الأخبار أنّه إذا علم وجود شيء ، فإنّه يحكم به حتّى يعلم زواله (١٣). انتهى كلامه ، رفع مقامه.
وفي كلامه أنظار يتوقّف بيانها على ذكر كلّ فقرة هي مورد للنظر ، ثمّ توضيح النظر فيه بما يخطر في الذهن القاصر ، فنقول : قوله اوّلا : " والمضايقة بمنع أنّ الخطاب الوضعيّ داخل في الحكم الشرعيّ ، لا يضرّ فيما نحن بصدده".
فيه : أنّ المنع المذكور (٢٢٤٦) لا يضرّ فيما يلزم من تحقيقه الذي ذكره وهو اعتبار الاستصحاب في موضوعات الأحكام الوضعية ، أعني نفس السبب والشرط والمانع ، وإنّما يضرّ في التفصيل بين الأحكام الوضعية ـ أعني سببيّة السبب وشرطيّة الشرط ـ والأحكام التكليفيّة. وكيف لا يضرّ في هذا التفصيل منع كون الحكم الوضعيّ حكما مستقلا ، وتسليم أنّه أمر اعتباريّ منتزع من التكليف ، تابع
______________________________________________________
٢٢٤٦. حاصله : أنّ صدر كلامه وذيله مختلفا المؤدّى ، فمقتضى صدره كونه مفصّلا بين الأحكام الوضعيّة وغيرها ، بالتسليم في الاولى دون غيرها. ومقتضى ذيله كونه مفصّلا بين متعلّقات الأحكام الوضعيّة ـ أعني : الأسباب والشروط والموانع ـ وبين مطلق الأحكام وغيرها ، بالتسليم في الاولى دون غيرها. ومنع إضرار عدم دخول خطاب الوضع في الحكم الشرعيّ إنّما يسلّم على الثاني دون الأوّل ، إذ عليه لا معنى للتفصيل ، وهو واضح.
ولا يخفى أنّه لا وقع لهذا الإيراد ، إذ غير خفيّ على أحد أنّ آخر كلامه قرينة للمسامحة في أوّل كلامه في إطلاق الأحكام الوضعيّة على متعلّقاتها ، كما نبّه عليه عند بيان محلّ النزاع ، نظير مسامحته في تفسير الحكم بالواجب والحرام ، كما نبّهنا عليه سابقا.