لأنّا نقول : هذه شبهة عجز عن جوابها كثير من فحول الاصوليّين والفقهاء ، وقد أجبنا عنها في الفوائد المدنيّة : تارة بما ملخّصه : أنّ صور الاستصحاب المختلف فيها عند النظر الدقيق والتحقيق راجعة إلى أنّه إذا ثبت حكم بخطاب شرعيّ في موضوع في حال من حالاته ، نجريه في ذلك الموضوع عند زوال الحالة القديمة وحدوث نقيضها فيه. ومن المعلوم أنّه إذا تبدّل قيد موضوع المسألة بنقيض ذلك القيد اختلف
______________________________________________________
محلّه ، مثل قوله : إن ظاهرت فأعتق رقبة ، وإن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة ، فالمطلوب إمّا عتق الرقبة مطلقا أو عتق المؤمنة خاصّة ، فيقع التعارض بينهما ، فيجب حمل المطلق منهما على المقيّد ، بخلاف ما لو تعدّد المطلوب ، مثل قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) وما دلّ على حلّية بيع السلم مثلا ، لأنّ حلّيته لا تنافي حلّية مطلق البيع حتّى يلتجئ إلى الجمع بينهما بالتقييد. وما نحن فيه أيضا من هذا القبيل ، إذ اعتبار استصحاب في موضوعات الأحكام لا ينافي اعتباره مطلقا حتّى في الأحكام ، كما هو مقتضى مطلقات أخبار الباب.
وثانيا : مع تسليم اختصاص موارد جميع الأخبار الواردة في المقام بموضوعات الأحكام ، إنّا نمنع كون خصوصيّة السؤال مخصّصة لعموم الجواب ، فالعبرة بعموم الجواب لا بخصوص المورد كما قرّر في محلّه. وقد تقدّم سابقا دلالة الأخبار على العموم ، من حيث وقوع النكرة في سياق النفي ، وعدم صحّة حمل اللام على العهد في قوله عليهالسلام «لا ينقض اليقين بالشكّ».
وثالثا : مع التسليم أنّه لا بدّ على ما ذكره أن يقتصر في الحكم بحجّية الاستصحاب على موارد الأخبار فلا وجه للتعدّي إلى مطلق موضوعات الأحكام.
ودعوى عدم الفصل بين الموضوعات ممّا لا يصغى إليه بعد ملاحظة تشتّت الأقوال في المسألة كما لا يخفى. ثمّ إنّ عدم تعرّضه لاستثناء عدم النسخ ـ كما صرّح به الأمين الأسترآبادي ـ لعلّه لوضوحه ، لكونه مجمعا عليه فيما بينهم.