.................................................................................................
______________________________________________________
الإمام عليهالسلام عن مثله ، لكفاية أدلّة البراءة من الآيات والأخبار فيه.
وثانيهما : أنّ بناء العقلاء على الحالة السابقة إنّما هو من جهة كونه شعبة من شعب الاحتياط عندهم ، لا من جهة اعتبار الاستصحاب من حيث هو ، لأنّ باب العلم لمّا كان منسدا في امور معاشهم غالبا ، لعدم علمهم بعواقب الامور ، وكان الاقتصار على معلوماتهم والاحتياط في غيرها فحلا بأمر معاشهم ، لقلّة معلوماتهم ، فأخذوا في ذلك طريقة وسطى ، وهو العمل بالظنّ ، لكونه أقرب إلى العلم. فالعمل بالاستصحاب إنّما هو من حيث كونه أحد أسباب الظنّ ، وكون العمل به من باب الاحتياط ولو في الجملة ، لا لأجل ملاحظة الحالة السابقة من حيث هي.
وكلا الوجهين منظور فيهما :
أمّا الأوّل فإنّ أدلّة البراءة إمّا هو حكم العقل بقبح التكليف بلا بيان ، أو عموم الآيات والأخبار الواردة في ذلك. وحكم العقل بقبح التكليف بلا بيان إنّما هو مع عدم بناء العقلاء على ثبوت التكليف بطريق ظاهريّ أو واقعي ، وإلّا فلا يستقلّ العقل بالقبح المذكور ، نظير ما ذكرناه في مبحث أصالة الإباحة من أنّ العقل وإن استقلّ بوجوب الاجتناب عن الأشياء المشتملة على منفعة غالبيّة من أمارة مفسدة ، إلّا أنّه يسقط عن استقلاله بهذا الحكم بعد ملاحظة طريقة العقلاء على عدم وجوب الاجتناب. وبالجملة ، إنّ بنائهم كاف في البيان ، والقبح المذكور غير كاف في الردع.
وأمّا الآيات والأخبار ، فمن تأمّل فيها وأعطى النظر حقّه جزم بأنّ المحصّل منها ليس إلّا ما حكم به العقل من نفي التكليف بلا بيان ، وبناء العقلاء يصلح للبيان. فالعمومات المذكورة لا تشمل المقام ، ولا تصلح للردع عن بنائهم ، مع فرض اطّلاع الإمام عليهالسلام عليه وعدم خوفه من الردع. مع أنّ اعتبار الظواهر ـ كما تحقّق في محلّه ـ إنّما هو لأجل بناء العرف على اعتبارها ، فلا اعتبار بها مع بنائهم على خلافها.
وأمّا الثاني ، فإنّ بنائهم على اعتبار الاستصحاب إن كان من جهة إفادته الظنّ بالواقع بعد الانسداد ، وجب أن يعملوا بكلّ أمارة أفادت الظنّ بالواقع ، سواء