بعدالة زيد في زمان ، ثمّ يشكّ يوم السبت في عدالته في ذلك الزمان. وإمّا في زمان متعلقهما وإن اتحد زمانهما ، كأن يقطع يوم السبت بعدالة زيد يوم الجمعة ، ويشكّ ـ في زمان هذا القطع ـ بعدالته في يوم السبت ، وهذا هو الاستصحاب ، وليس منوطا بتعدّد زمان الشكّ واليقين كما عرفت في المثال ، فضلا عن تأخّر الأوّل عن الثاني. وحيث إنّ صريح الرواية اختلاف زمان الوصفين ، وظاهرها اتّحاد زمان متعلّقهما ؛ تعيّن حملها على القاعدة الاولى ، وحاصلها : عدم العبرة بطروّ الشكّ في شىء بعد اليقين بذلك الشيء.
ويؤيّده : أنّ النقض حينئذ محمول على حقيقته ؛ لأنّه رفع اليد عن نفس الآثار التي رتّبها سابقا على المتيقّن ، بخلاف الاستصحاب ؛ فإنّ المراد بنقض اليقين فيه رفع اليد عن ترتيب الآثار في غير زمان اليقين ، وهذا ليس نقضا لليقين السابق إلّا إذا اخذ متعلّقه مجرّدا عن التقييد بالزمان الأوّل.
وبالجملة : فمن تأمّل في الرواية وأغمض عن ذكر بعض أدلّة الاستصحاب ، جزم بما ذكرناه في معنى الرواية.
______________________________________________________
وحاصله : أنّ مقتضى النهي عن نقض اليقين بالشكّ إمكان اجتماعهما حتّى يصدق نقضه به ، وهما لا يجتمعان أصلا ، لكونهما من الامور المتضادّة. فلا بدّ في وقوعهما إمّا من اعتبار اختلافهما بحسب الزمان وإن اتّحدا بحسب المتعلّق ، بأن تعلّق اليقين بحدوث شيء في زمان ، وتعلّق الشكّ بحدوثه في ذلك الزمان في زمان آخر ، بأن حصل الشكّ في الزمان الثاني في صحّة الاعتقاد في الزمان الأوّل ، كما فرضه من المثال الأوّل. وإمّا من اعتبار اختلافهما بحسب المتعلّق وإن اتّحد زمانهما ، كما فرضه من المثال الثاني.
والثاني هو مورد قاعدة الاستصحاب ، لأنّ المعتبر فيه ـ كما أوضحناه عند شرح ما يتعلّق بالأمر الخامس ـ هو اختلاف متعلّق اليقين والشكّ وإن اتّحد زمانهما ، بل وتقدّم الشكّ على اليقين أيضا ، كما إذا شكّ في يوم الجمعة في عدالة زيد في هذا اليوم ، وحصل له العلم في يوم السبت بعدالته في يوم الخميس ، فتستصحب العدالة حينئذ إلى يوم الجمعة. والأوّل هو مورد القاعدة المسّماة في