التكليف به فالهلاك المترتّب عليه منقصته الذاتيّة ، وإن كان ممّا يتنجّز التكليف به ـ كما فيما نحن فيه ـ كان المترتّب عليه هو العقاب الاخروي ، وحيث إنّ دفع العقاب المحتمل واجب بحكم العقل وجب الاجتناب عن كلّ مشتبه بالشبهة المحصورة ، ولمّا كان دفع الضرر غير العقاب غير لازم إجماعا كان الاجتناب عن الشبهة المجرّدة غير واجب بل مستحبّا. وفائدة الاستدلال (١٤٩٦) بمثل هذا الخبر : معارضته لما يفرض من الدليل على جواز ارتكاب أحد المشتبهين مخيّرا ، وجعل الآخر بدلا عن
______________________________________________________
ابن فارس : الخليط المجاور ، والخليط الشريك» انتهى.
١٤٩٦. دفع لما ربّما يتوهّم من عدم إجداء خبر التثليث في المقام ، لأنّ الاستدلال به إنّما يتمّ بضميمة حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، كما قرّره هنا ، وأوضحه عند الجواب عن أدلّة الأخباريّين في الشبهة التحريميّة الحكميّة ، وهو بنفسه ناهض لإثبات المطلوب من دون حاجة إلى ضمّ الخبر إليه. ووجه الدفع واضح.
وربّما يشكل ذلك بأنّ هذا إنّما يتمّ إذا كان المراد بالمشار إليه بقوله : «هذا الخبر» هو خبر التثليث ، ولكن ينافيه قوله : «بمثل خبر التثليث وبالنبويّين» لأنّ ظاهره كون ما ذكر فائدة لجميع ما تقدّم في الوجه الأوّل من الأخبار ، فلا بدّ أن يكون المراد بالمشار إليه جنس الخبر ليشمل جميع هذه الأخبار ، مع وضوح عدم ورود الإشكال المذكور على ما عدا خبر التثليث. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ المراد بالمشار إليه هو خبر التثليث ، إلّا أنّ الفائدة المذكورة تعمّه وغيره من الأخبار المذكورة ، لكن تبقى النكتة حينئذ في تخصيص النبويّين بالذكر ، إلّا أن يكون من باب المثال. ومع ذلك كلّه تشكل الفائدة المذكورة بمنع معارضة خبر التثليث والدليل المفروض ، لأنّ مؤدّى الأوّل لا يزيد على قاعدة الاحتياط. ولا ريب في حكومة الدليل المفروض ـ بل وروده ـ عليها. مع أنّ النسبة بينه على تقدير شموله للشبهات البدويّة وبين خبر التثليث هو التباين ، لدلالة الأوّل على البراءة في الشبهة التحريميّة مطلقا ، والثاني على وجوب الاحتياط كذلك ، فلا وجه لتخصيص