بالبراءة الأصليّة حتّى يثبت الناقل ، وظاهره أنّ اعتمادهم في الحكم بالبراءة على كونها هي الحالة السابقة الأصليّة.
والتحقيق أنّه لو فرض حصول الظنّ من الحالة السابقة فلا يعتبر ، والإجماع ليس على اعتبار هذا الظنّ ، وإنّما هو على العمل على طبق الحالة السابقة ، ولا يحتاج إليه بعد قيام الأخبار المتقدّمة وحكم العقل.
الثالث : لا إشكال في رجحان الاحتياط عقلا ونقلا ، كما يستفاد من الأخبار المذكورة وغيرها. وهل الأوامر الشرعيّة (١٢٥٢) للاستحباب ، فيثاب عليه وإن لم يحصل به الاجتناب عن الحرام الواقعي أو غيري بمعنى كونه مطلوبا لأجل التحرّز عن
______________________________________________________
به البلوى وغيره. والأوّل يدفعه أنّ مقتضى اعتبارها من باب الظنّ وإن كان هو نفي الحكم الواقعي ، لكن ينافيه تمسّكهم كثيرا بقاعدة قبح التكليف بلا بيان ، لصراحتها في كون النفي هو الحكم الفعلي دون الواقعي. مع أنّهم كثيرا ما يتمسّكون بها مع حصول الظنّ بخلافها من الأمارات غير المعتبرة ، فلا بدّ أن يكون مرادهم بإفادتها الظنّ إفادتها له غالبا ، بأن تسامحوا في ذكر ذلك وجها لاعتبارها ، أو يكون ذلك منهم لأجل متابعة العامّة القائلين بحجيّة الظنون المطلقة ، لأنّهم حيث اعتبروا أصالة البراءة من باب الظنّ فسامح من الخاصّة من تبعهم في التمسّك لإثبات حجيّتها بذلك ، لا أنّ مستندهم في الحقيقة هو ذلك. وبالجملة إنّ إخراج كلماتهم من ظاهرها بما ذكرناه لما ذكرناه أولى ، بل هو المتعيّن. وأمّا الثاني فقد تقدّم الكلام فيه عند شرح ما يتعلّق بالتنبيه السابق.
١٢٥٢. أمّا العقل فللإرشاد يقينا ، كما سيصرّح به. ومرجع الأمر الإرشادي إلى بيان مصلحة المكلّف ، من دون ملاحظة كون الآمر عاليا تجب إطاعته عقلا أو شرعا أو عادة ، أو كونه مستعليا ، كأمر الطبيب الذي مرجعه إلى بيان مصلحة المكلّف في شرب الدواء. ولذا لا يترتّب على موافقة هذا الأمر ثواب ولا على مخالفته عقاب ، بخلاف سائر الأوامر ، لكون جهة المولويّة وصدورها من