وكما إذا علم التاجر إجمالا بابتلائه في يومه أو شهره بمعاملة ربويّة ، فهل يجب عليه الامساك عمّا لا يعرف حكمه من المعاملات في يومه أو شهره أم لا؟
التحقيق أن يقال : إنّه لا فرق بين الموجودات فعلا والموجودات تدريجا في وجوب الاجتناب عن الحرام المردّد بينها إذا كان الابتلاء دفعة وعدمه ؛ لاتّحاد المناط في وجوب الاجتناب. نعم ، قد يمنع الابتلاء دفعة في التدريجيّات ، كما في مثال الحيض ؛ فإنّ تنجّز تكليف الزوج بترك وطء الحائض قبل زمان حيضها ممنوع ؛ فإنّ قول الشارع : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) (١١) ظاهر في وجوب الكفّ عند الابتلاء بالحائض ؛ إذ الترك قبل الابتلاء حاصل بنفس عدم الابتلاء ، فلا يطلب ، فهذا الخطاب كما أنّه مختصّ بذوي الأزواج ولا يشمل العزّاب إلّا على وجه التعليق ، فكذلك من لم يبتل بالمرأة الحائض.
______________________________________________________
لفرض تنجّز التكليف حينئذ بالواقع على كلّ تقدير ، وإن لم تعدّ الواقعة الثانية مبتلى بها للمكلّف عند الاولى.
وضابط المقام : أنّ الخطاب الصادر عن الشارع إمّا أن يتأخّر فيه زمان الفعل عن زمان التكليف ، بأن قال في يوم الخميس : أوجبت اليوم عليك الغسل في يوم الجمعة مثلا ، وإمّا أن يتّحد زمانهما. وعليه إمّا أن يتّحد زمانهما مع زمان صدور الخطاب وتوجّهه إلى المخاطب ، بأن قال : اجتنب عن النجس ، وكان النجس موجودا ومحلّ ابتلاء له حين الخطاب ، وإمّا أن يتأخّر زمانهما عن زمانه ، بأن قال : إذا كان يوم الجمعة اغتسل فيه ، بأن كان الزمان شرطا للوجوب أيضا لا ظرفا للواجب خاصّة.
والأوّلان من أقسام الواجب المطلق. وخصّ صاحب الفصول أوّلهما باسم المعلّق ، وثانيهما باسم المطلق. والثالث هو المشروط. وقد بسطنا الكلام في تحقيق ما يتعلّق بذلك في كتابنا المسمّى بغاية المأمول. وحينئذ إذا اشتبه متعلّق التكليف بين أمرين فلا إشكال في وجوب الاحتياط في الأوّلين. وكذا في وجوبه في الثالث