.................................................................................................
______________________________________________________
وأقول : إنّ قوله : «مع تسليم المعارضة» إشارة إلى حكومة أصالة البقاء إلى ما بعد العشرة على أصالة بقاء دم الحيض ، لأنّ الشكّ في كون الدم بعد أيّام العادة وقبل العشرة دم حيض مسبّبا عن الشكّ في تجاوز الدم عن العشرة. نعم ، يرد عليه أنّ جريان الاستصحاب مشروط ببقاء الموضوع ، فمع تعارض الأصلين يشكّ في بقاء الموضوع ، فلا يصحّ استصحاب أحكام الحيض حينئذ.
ثمّ قال : «نعم ، لو قلنا بأنّ الأصل لا يجري في مثل المقام من الامور التدريجيّة ، كما نبّهنا عليه مرارا ، كان الأصل عدم حدوث دم الحيض زائدا على ما حدث ، فيزول به استصحاب بقاء أحكام الحائض» انتهى. وقد صرّح بعدم جريان هذا الأصل في المبتدئة.
وفيه : أنّ مبنى الاستصحاب على التسامح وإلّا لم يجر استصحاب الأزمان ، وهو اتّفاقي ، بل ادّعى عليه بعضهم الضرورة. ومن هنا تبيّن عدم كون الحكم بالتحيّض مبنيّا على الاستصحاب ، وإن كان جريانه متّجها في المقام.
وربّما يقال بابتنائه على قاعدة الإمكان. وأورد عليه المصنّف رحمهالله أيضا : «بأنّها إنّما استفيدت من الإجماعات المحكيّة دون الأخبار ، لعدم نهوضها لإثباتها كما قرّر في الفقه ، والمفروض أنّ المشهور بين المتأخّرين عدم الحكم بالحيضيّة في المقام ، وجعل الاستظهار مستحبّا. مع أنّ قاعدة الإمكان ـ كما تقدّم في محلّه ـ لا تجدي في التحيّض بدم متزلزل يحتمل ظهور كونها المستحاضة ، لعدم استقرار الإمكان ، فتأمّل. فالأولى إثبات وجوب الاستظهار بالأخبار» انتهى. ولعلّ هذا هو الوجه في عدم تعرّض المصنّف رحمهالله لقاعدة الإمكان هنا ، مع تعرّضه لها في حكم المبتدئة.
وأمّا الثاني فأصالة الطهارة وعدم الحيض هنا متّجهة. وصرّح المصنّف رحمهالله في الطهارة هنا أيضا بعدم ابتناء وجوب التحيّض على قاعدة الإمكان ، معلّلا بما تقدّم من عدم استقرار الإمكان.