هو المقدار الممكن من الأخذ بقول الشارع في المقام ، لكنّ ظاهر كلام الشيخ قدسسره يأبى عن ذلك ، قال في العدّة : إذا اختلفت الامّة على قولين فلا يكون إجماعا ، ولأصحابنا في ذلك مذهبان : منهم من يقول : إذا تكافأ الفريقان ولم يكن مع أحدهما دليل يوجب العلم أو يدلّ على أنّ المعصوم عليهالسلام داخل فيه ، سقطا ووجب التمسّك بمقتضى العقل من حظر أو إباحة على اختلاف مذاهبهم ، وهذا القول ليس بقويّ. ثمّ علّله باطّراح قول الإمام عليهالسلام (١٤١٥) ، قال : ولو جاز ذلك لجاز مع تعيين قول الإمام عليهالسلام تركه والعمل بما في العقل. ومنهم من يقول : نحن مخيّرون في العمل بأيّ القولين ، وذلك يجري مجرى خبرين إذا تعارضا ، انتهى.
ثمّ فرّع على القول الأوّل جواز اتّفاقهم بعد الاختلاف على قول واحد ، وعلى القول الثاني عدم جواز ذلك ؛ معلّلا بأنّه يلزم من ذلك بطلان القول الآخر ، وقد قلنا : إنّهم مخيّرون في العمل ، ولو كان إجماعهم على أحدهما انتقض ذلك ، انتهى.
______________________________________________________
أقول : إنّ كلام الشيخ وإن لم يكن صريحا فيما ذكره ، لكنّ الإنصاف ظهوره فيه ، ولعلّه لا يقصر عمّا استشهده المصنّف رحمهالله من التفريع. ولعلّ هذه الخلافات والتنافيات ناشئة من عدم التفرقة بين الحكم الواقعي والظاهري موضوعا وآثارا. وحينئذ يحتمل أن يكون الشيخ قد أراد بالتخيير التخيير الظاهري ، ومع ذلك قد منع الاتّفاق بعد الخلاف ، بزعم منافاة ذلك للحكم بالتخيير. ويؤيّده ما عرفته في الحاشية السابقة من الاختلاف في كلمات المحقّق أيضا. والإنصاف أنّ هذا كلّه خارج من السداد ، وستعرف ما ينبغي بناء كلام الشيخ عليه.
١٤١٥. قال ما لفظه : «لأنّهم إذا اختلفوا على قولين علم أنّ قول الإمام موافق لأحدهما ، لأنّه لا يجوز أن يكون قوله خارجا عن القولين ، لأنّ ذلك مقتضى كونهم مجمعين على قولين» انتهى. والظاهر أنّ مراده بقوله : «كونهم مجمعين ...» إجماعهم على نفي الثالث ، فهو لا ينافي قوله فيما نقله عنه المصنّف رحمهالله : «فلا يكون إجماعا» لأنّ مراده به نفي الإجماع على خصوص أحد القولين.