مراعاته ولو مع الجهل التفصيلي. ومن هنا يبطل (١٤٠٧) قياس ما نحن فيه بصورة تعارض الخبرين الجامعين لشرائط الحجيّة الدالّة أحدهما على الأمر والآخر على النهي ، كما هو مورد بعض الأخبار الواردة في تعارض الخبرين.
______________________________________________________
وحاصله : ثبوت الفرق بين كون العلم التفصيلي بالأحكام الواقعيّة أو العلم الإجمالي بها مأخوذا في موضوع وجوب الالتزام التفصيلي أو الإجمالي ، وبين كون وجوب الالتزام بها حكما واقعيّا سابقا على العلم بها كنفس سائر الأحكام الواقعيّة ، إذ اللازم على الأوّل هو عدم وجوب الالتزام ما لم يحصل العلم بها تفصيلا أو إجمالا ، وإلّا لزم تقدّم الحكم على موضوعه. وحينئذ إن حصل العلم بها تفصيلا وجب الالتزام بها كذلك ، وإن حصل العلم بها إجمالا وجب الالتزام بها كذلك ، بمعنى وجوب الالتزام بوجوب الفعل في الواقع إن كان واجبا في الواقع وبحرمته إن كان حراما كذلك ، وهو لا ينافي البناء على الإباحة في مقام الظاهر. واللازم على الثاني هو وجوب الالتزام بوجوب الفعل بالخصوص أو حرمته كذلك في مقام الظاهر. إذ الالتزام بإباحته كذلك مستلزم لمخالفة العمل لما علم وجوبه في الواقع من وجوب الالتزام بالحكم الواقعي للفعل من الوجوب أو الحرمة ، نظير سائر الواجبات التي يجب عدم مخالفة العمل لها.
١٤٠٧. أي : من عدم كون وجوب الالتزام بالأحكام الواقعيّة حكما واقعيّا في عرض غيرها. ووجه البطلان هو كون وجوب الالتزام بالأخبار من حيث هي حكما واقعيّا في المسألة الاصوليّة بمقتضى أدلّة اعتبارها ، فإذا تعذّر امتثال هذا الحكم الواقعي لأجل تعارض الخبرين وجب الأخذ بأحدهما لا محالة ، كي لا تلزم المخالفة بحسب العمل لهذا الحكم. ومن هنا قد استدلّ في محكيّ المفاتيح على التخيير في تعارض الخبرين بأدلّة اعتبارهما ، فالحكم بوجوب الأخذ بأحدهما يكون واردا على وفق القاعدة ، وتبقى أخبار التخيير شاهدا له ، بخلاف ما نحن فيه على ما عرفت.
وأنت خبير بأنّ هذا الوجه ينافي ما تقدّم منه في المقصد الأوّل عند بيان جواز