وجوب الانقياد والتديّن بحكم الله فهو تابع للعلم بالحكم (١٤٠٤) ، فإن علم تفصيلا وجب التديّن به كذلك ، وإن علم إجمالا وجب التديّن بثبوته في الواقع ، ولا ينافي ذلك التديّن حينئذ بإباحته ظاهرا ؛ إذ الحكم الظاهري لا يجوز أن يكون معلوم المخالفة تفصيلا للحكم الواقعي من حيث العمل ، لا من حيث التديّن به.
ومنه يظهر اندفاع ما يقال : من أنّ الالتزام وإن لم يكن واجبا بأحدهما إلّا أنّ طرحهما والحكم بالإباحة طرح لحكم الله الواقعي ، وهو محرّم. وعليه يبنى عدم
______________________________________________________
الاحتماليّة لا القطعيّة ، كما يرشد إليه تعليله بقوله : «فإنّ في الفعل موافقة للوجوب» لعدم العلم بالوجوب بالفرض حتّى تكون موافقة الفعل موافقة قطعيّة. والوجه فيه أنّ ما يقبح عقلا هو العلم بالمخالفة لا احتمالها ، وإلّا ثبت وجوب الاحتياط في جميع موارد الشبهات البدويّة ، والفرض في المقام بطلانه.
١٤٠٤. حاصله : أنّه لم يدلّ دليل على وجوب الانقياد على الأحكام الواقعيّة ، بمعنى كون ذلك أيضا حكما من الأحكام الواقعيّة سابقا على العلم به ، ولا استفيد ذلك من الدليل المثبت للحكم ، وإنّما هو تابع للعلم بالحكم لأجل وجوب التديّن بما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فإن علم تفصيلا يجب التديّن به كذلك ، وإن علم إجمالا فكذلك أيضا ، كما سيجيء توضيحه. والتديّن الإجمالي بالحكم الواقعي على ما هو عليه في الواقع لا ينافي جواز التديّن بالإباحة الظاهريّة ، ومن حيث كون الفعل غير معلوم الحكم تفصيلا ، لأنّه إنّما ينافي العلم بالواقع تفصيلا ، لأنّ المأخوذ حينئذ في موضوع الحكم الظاهري هو الشكّ في الواقع ، وهو لا يجتمع مع العلم به تفصيلا وكذا إجمالا ، مع استلزام طرحه للمخالفة العمليّة ، لما عرفت في الحاشية السابقة من قبحه ، وشيء منهما غير لازم فيما نحن فيه.
وأنت خبير بأنّه ينافي ما تقدّم منه في المقصد الأوّل عند بيان حكم مخالفة العلم الإجمالي ، من تقويته لعدم جواز الرجوع إلى الإباحة فيما احتمل الوجوب والحرمة كما في ما نحن فيه ، نظرا إلى استلزام الفعل في زمان والترك في آخر