الحكم بالإباحة ظاهرا ، نظير ما يحتمل التحريم وغير الوجوب ، ومرجعه إلى إلغاء الشارع لكلا الاحتمالين ، فلا حرج في الفعل ولا في الترك بحكم العقل ؛ وإلّا لزم الترجيح بلا مرجّح. والتوقّف بمعنى عدم الحكم بشىء لا ظاهرا ولا واقعا ، ووجوب الأخذ بأحدهما بعينه أو لا بعينه. ومحلّ هذه الوجوه ما لو كان كلّ من الوجوب والتحريم توصليّا بحيث يسقط بمجرّد الموافقة ؛ إذ لو كانا تعبّديّين محتاجين إلى قصد امتثال التكليف أو كان أحدهما المعيّن كذلك ، لم يكن إشكال في عدم جواز طرحهما والرجوع إلى الإباحة ؛ لأنّه مخالفة قطعيّة عمليّة.
وكيف كان فقد يقال في محلّ الكلام بالإباحة ظاهرا ؛ لعموم أدلّة الإباحة الظاهريّة ، مثل قولهم : «كلّ شىء لك حلال» ، وقولهم : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» ، فإنّ كلا من الوجوب والحرمة قد حجب عن العباد علمه ، وغير ذلك من أدلّته حتّى قوله عليهالسلام : «كلّ شىء (١٤٠٠) مطلق حتّى يرد فيه
______________________________________________________
خمسة ، بناء على شمول ما ذكره الشيخ في الإجماع المركّب لما نحن فيه. أحدها : ترجيح جانب الحرمة. وثانيها : التخيير كما عرفت. وثالثها : الرجوع إلى الأصل ، كما حكاه الشيخ هناك ، ومقتضاه الحكم بالإباحة فيما نحن فيه. ورابعها : التوقّف بحسب الواقع ، وعدم الحكم بشيء في مقام الظاهر. واختاره المصنّف رحمهالله هنا. وخامسها : التفصيل بين تعدّد الواقعة واتّحادها ، بالقول بالتخيير الابتدائي في الأوّل ، والرجوع إلى البراءة في الثاني. واختاره المصنّف رحمهالله أيضا في المقصد الأوّل عند بيان فروع العلم الإجمالي ، وهو ينافي ما اختاره هنا. وعليه تكون الوجوه سبعة.
ثمّ إنّ هذه المسألة ليست مشمولة لنزاع الأخباريّين مع المجتهدين في وجوب الاحتياط وعدمه في الشبهات الحكميّة ، لوضوح أنّهم إنّما يقولون به مع إمكانه لا بدونه ، وقد أشار إليه المصنّف رحمهالله في بعض كلماته. فما صدر عن المحقّق القمّي رحمهالله وغيره من جعل هذه المسألة محلّ نقض لقول الأخباريّين ليس في محلّه.
١٤٠٠. وجه خصوصيّة هذه الرواية هو إمكان أن يمنع الاستدلال بها على