الثاني (٣٧٨) : دلالة مرفوعة زرارة ومقبولة ابن حنظلة على ذلك ، ففي الاولى : «قال زرارة : قلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان ، فبأيّهما نعمل؟ قال : خذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودع الشاذّ النادر ، قلت : يا سيّدي ، إنّهما معا مشهوران مأثوران عنكم؟ قال : خذ بما يقوله أعدلهما ... الخبر» (٣٩).
بناء على أنّ المراد بالموصول مطلق المشهور رواية كان أو فتوى ، أو أنّ إناطة الحكم بالاشتهار تدلّ على اعتبار الشهرة في نفسها وإن لم تكن في الرواية.
وفي المقبولة بعد فرض السائل تساوي الراويين في العدالة ، قال عليهالسلام : «ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك ـ الذي حكما به ـ المجمع عليه بين أصحابك ، فيؤخذ به ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ؛ فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، وإنّما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بين غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ حكمه إلى الله ورسوله ؛ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات ، ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم.
قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم ... إلى آخر الرواية" (٤٠).
بناء على أنّ المراد بالمجمع عليه في الموضعين هو المشهور ؛ بقرينة إطلاق المشهور عليه في قوله : «ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور» ، فيكون في التعليل بقوله :
______________________________________________________
٣٧٨. قد يستدلّ أيضا بالمرسل في ألسنة الفقهاء وإن لم يوجد في الكتب الأربعة : «المرء متعبّد بظنّه». وقد استدلّوا به في أوقات الصلاة وشكوكها. وفيه : ـ مع إرساله ـ منع الدلالة ، لعدم ظهوره في إعطاء القاعدة ، إذ لعلّ المراد بيان وجوب تعبّد المرء بظنّه حيثما ثبت اعتبار ظنّه. وقد يستدلّ أيضا بما استدلّ به العامّة على حجّية الإجماع ، مثل قوله صلىاللهعليهوآله : «عليكم بالسواد الأعظم» و «يد الله على الجماعة» ونحوهما من الأخبار المذكورة في محلّها. ولكن أكثرها ـ مع ضعف دلالته على حجّية الإجماع فضلا عن الشهرة ـ ضعيف السند.