له : والذي ظهر لي من تتّبع كلام المتأخّرين أنّهم كانوا ينظرون إلى كتب الفتاوى الموجودة عندهم في حال التأليف ، فإذا رأوا اتّفاقهم على حكم قالوا : إنّه إجماعي ، ثمّ إذا اطّلعوا على تصنيف آخر خالف مؤلّفه الحكم المذكور رجعوا عن الدعوى المذكورة ، ويرشد إلى هذا كثير من القرائن التي لا يناسب هذا المقام تفصيلها (٣٣) ، انتهى.
وحاصل الكلام (٣٣٧) من أوّل ما ذكرنا إلى هنا : أنّ الناقل للإجماع إن احتمل في حقّه تتبّع فتاوى من ادّعى اتّفاقهم حتّى الإمام الذي هو داخل في المجمعين ، فلا إشكال في حجّيته وفي إلحاقه بالخبر الواحد ؛ إذ لا يشترط في حجّيته معرفة الإمام عليهالسلام تفصيلا حين السماع منه. لكن هذا الفرض ممّا يعلم بعدم وقوعه ، وأنّ المدّعي للإجماع لا يدّعيه على هذا الوجه. وبعد هذا ، فإن احتمل في حقّه تتبّع فتاوى جميع المجمعين ، والمفروض أنّ الظاهر من كلامه هو اتّفاق الكلّ المستلزم عادة لموافقة قول الإمام عليهالسلام ، فالظاهر حجّية خبره للمنقول إليه ، سواء جعلنا المناط في حجّيته تعلّق خبره بنفس الكاشف الذي هو من الامور المحسوسة المستلزمة ضرورة لأمر حدسي وهو قول الإمام عليهالسلام ، أو جعلنا المناط تعلّق خبره بالمنكشف وهو قول الإمام عليهالسلام ؛ لما عرفت من أنّ الخبر الحدسي المستند إلى إحساس ما هو ملزوم للمخبر به عادة كالخبر الحسّي في وجوب القبول.
وقد تقدّم الوجهان في كلام السيّد الكاظمي في شرح الوافية. لكنّك قد عرفت سابقا القطع بانتفاء هذا الاحتمال ، خصوصا إذا أراد الناقل اتّفاق علماء جميع الأعصار. نعم ، لو فرضنا قلّة العلماء في عصر بحيث يحاط بهم ، أمكن دعوى اتّفاقهم عن حسّ ، لكن هذا غير مستلزم عادة لموافقة قول الإمام عليهالسلام ، نعم ، يكشف عن موافقته بناء على طريقة الشيخ المتقدّمة التي لم تثبت عندنا وعند الأكثر.
ثمّ إذا علم عدم استناد دعوى اتّفاق العلماء المتشتّتين في الأقطار ـ الذي يكشف عادة عن موافقة الإمام عليهالسلام ـ إلّا إلى الحدس الناشئ عن أحد الامور المتقدّمة التي مرجعها إلى حسن الظنّ أو الملازمات الاجتهاديّة ، فلا عبرة بنقله ؛ لأنّ الإخبار
______________________________________________________
٣٣٧. بعد بيان الأمرين مقدّمة لتوضيح المقصود في المسألة.