الحكم من حيث العيلولة (٣٣٢) ، أو وجوب الانفاق (٣٣٣). فكيف يجوز الاعتماد في مثله على الإخبار بالاتّفاق الكاشف عن قول الإمام عليهالسلام ويقال : إنّها سنّة محكيّة؟
وما أبعد ما بين ما استند إليه الحلّي في هذا المقام وبين ما ذكره المحقّق في بعض كلماته المحكيّة ، حيث قال : إنّ الاتّفاق على لفظ مطلق شامل لبعض أفراده الذي وقع فيه الكلام لا يقتضي الإجماع على ذلك الفرد ؛ لأنّ المذهب لا يصار إليه من إطلاق اللفظ ما لم يكن معلوما من القصد ؛ لأنّ الإجماع مأخوذ من قولهم : «أجمع على كذا» إذا عزم عليه ، فلا يدخل في الإجماع على الحكم إلّا من علم منه القصد إليه ، كما أنّا لا نعلم مذهب عشرة من الفقهاء الذين لم ينقل مذهبهم لدلالة عموم القرآن وإن كانوا قائلين به (٣٠) ، انتهى كلامه. وهو في غاية المتانة ، لكنّك عرفت ما وقع من جماعة من المسامحة (٣٣٤) في إطلاق لفظ «الإجماع» ، وقد حكى في المعالم عن الشهيد : أنّه أوّل كثيرا من الاجماعات ـ لأجل مشاهدة المخالف في مواردها ـ بإرادة الشهرة ، أو بعدم الظفر بالمخالف حين دعوى الإجماع ، أو بتأويل الخلاف على وجه لا ينافي الإجماع ، أو بإرادة الإجماع على الرواية وتدوينها في كتب الحديث (٣١) ، انتهى. وعن المحدّث المجلسيّ قدسسره في كتاب الصلاة من البحار بعد ذكر معنى الإجماع ووجه حجّيته عند الأصحاب : إنّهم لمّا رجعوا إلى الفقه كأنّهم نسوا ما ذكروه في الاصول ـ ثمّ أخذ في الطعن على إجماعاتهم إلى أن قال : ـ فيغلب على الظنّ أنّ مصطلحهم في الفروع غير ما جروا عليه في الاصول (٣٢) ، انتهى.
والتحقيق أنّه لا حاجة إلى ارتكاب التأويل في لفظ «الإجماع» بما ذكره الشهيد ولا إلى ما ذكره المحدّث المذكور قدسسرهما من تغاير مصطلحهم في الفروع والاصول ، بل الحقّ أنّ دعواهم للاجماع في الفروع مبنيّ على استكشاف الآراء ورأي الإمام عليهالسلام
______________________________________________________
٣٣٢. هي قد تبقى وإن لم يجب الإنفاق للنشوز.
٣٣٣. هو مرتفع مع النشوز.
٣٣٤. لدعواهم الإجماع على مورد بمجرّد كون مستنده من أصل أو عموم دليل أو نحو ذلك إجماعيّا كما تقدّم.