بالإجماع إنّما رجع إلى بذل الجهد ، ومجرّد الشكّ في دخول مثل ذلك في الخبر يقتضي منعه ، أجاب عن ذلك : بأنّ المخبر هنا أيضا يرجع إلى السمع فيما يخبر عن العلماء وإن جاء العلم بمقالة المعصوم من مراعاة أمر آخر ، كوجوب اللطف وغيره. ثمّ أورد : بأنّ المدار في حجّية الإجماع على مقالة المعصوم عليهالسلام ، فالإخبار إنّما هو بها ، ولا يرجع إلى سمع.
فأجاب عن ذلك أوّلا : بأنّ مدار الحجّية وإن كان ذلك ، لكن استلزام اتّفاق كلمة العلماء لمقالة المعصوم عليهالسلام معلوم لكلّ أحد لا يحتاج فيه إلى النقل ، وإنّما الغرض من النقل ثبوت الاتّفاق ، فبعد اعتبار خبر الناقل لوثاقته ورجوعه في حكاية الاتّفاق إلى الحسّ كان الاتّفاق معلوما ، ومتى ثبت ذلك كشف عن مقالة المعصوم ؛ للملازمة المعلومة لكلّ أحد. وثانيا : أنّ الرجوع في حكاية الإجماع إلى نقل مقالة المعصوم عليهالسلام لرجوع الناقل في ذلك إلى الحسّ ؛ باعتبار أنّ الاتّفاق من آثارها ، ولا كلام في اعتبار مثل ذلك ، كما في الإخبار بالإيمان والفسق والشجاعة والكرم وغيرها من الملكات ، وإنّما لا يرجع إلى الأخبار في العقليّات المحضة ، فإنّه لا يعوّل عليها وإن جاء بها ألف من الثقات حتّى يدرك مثل ما أدركوا. ثمّ اورد على ذلك : بأنّه يلزم من ذلك الرجوع إلى المجتهد ؛ لأنّه وإن لم يرجع إلى الحسّ في نفس الأحكام إلّا أنّه رجع في لوازمها وآثارها إليه ، وهي أدلّتها السمعيّة ، فيكون رواية ، فلم لا يقبل إذا جاء به الثقة. وأجاب : بأنّه إنّما يكفي الرجوع إلى الحسّ في الآثار إذا كانت الآثار مستلزمة له عادة ، وبالجملة إذا أفادت اليقين ، كما في آثار الملكات وآثار مقالة الرئيس وهي مقالة رعيّته ، وهذا بخلاف ما يستنهضه المجتهد من الدليل على الحكم. ثمّ قال : على أنّ التحقيق في الجواب عن السؤال الأوّل هو الوجه الأوّل ، وعليه فلا أثر لهذا السؤال ، انتهى.
______________________________________________________
وبالجملة ، إنّ في كلامه مواضع تدلّ على اعتباره في الإجماع دخول مجهول النسب في جملة المجمعين ، منها ما عرفت. ومنها ما أشار إليه بقوله : «كما سلف» فإنّه أشار به إلى ما ذكره في تعريف الإجماع ، لأنّه قال : الإجماع هو اتّفاق علماء