أقول : وفيه مواقع للنظر (٢٣٠) ، سيّما في جعل العمل بظواهر الأخبار من جهة قيام الإجماع العملي ، ولولاه لتوقّف في العمل بها أيضا ؛ إذ لا يخفى أنّ عمل أصحاب الأئمّة عليهمالسلام بظواهر الأخبار لم يكن لدليل شرعيّ خاصّ وصل إليهم من أئمّتهم ، وإنّما كان أمرا مركوزا في أذهانهم بالنسبة إلى مطلق الكلام الصادر من المتكلّم لأجل الإفادة والاستفادة ـ سواء كان من الشارع أم غيره ـ وهذا المعنى جار في القرآن أيضا على تقدير كونه ملقى للإفادة والاستفادة على ما هو الأصل في خطاب كلّ متكلّم.
نعم ، الأصل الأوّلي هي حرمة العمل بالظنّ ـ على ما عرفت مفصّلا ـ لكنّ الخارج منه ليس خصوص ظواهر الأخبار حتّى يبقى الباقي ، بل الخارج منه هو مطلق الظهور الناشئ عن كلام كلّ متكلّم القى إلى غيره للإفهام.
ثمّ إنّ ما ذكره ـ من عدم العلم بكون الظواهر من المحكمات واحتمال كونها من المتشابهات ـ ممنوع أوّلا : بأنّ المتشابه (٢٣١) لا يصدق على الظواهر لا لغة ولا عرفا ، بل يصحّ سلبه عنه ، فالنهي الوارد عن اتّباع المتشابه لا يمنع (٢٣٢) ؛ كما اعترف به في المقدّمة الاولى من أنّ مقتضى القاعدة وجوب العمل بالظواهر.
______________________________________________________
٢٣٠. قد أشار المصنّف رحمهالله إلى موقعين منها. ولعلّه أحال بيان الباقي إلى الوضوح ، أو إلى ما ذكره في الجواب عن دليلي المانعين مطلقا ، كما أشرنا إليه في الحاشية السابقة.
٢٣١. قد تقدّم في بعض الحواشي المتقدّمة عند بيان أدلّة المانعين مطلقا ما يوضح معنى المتشابه وما تضمّنه بعض الأخبار من تفسيره ، فراجع. ومع تسليم شمول المتشابه للظواهر يسقط الاستدلال بالآية على المقام ، إذ غايتها الظهور أيضا. ودعوى كونها من النصوص واضحة المنع. وبالجملة ، إنّ الاستدلال بها نظير الاستدلال بالآيات الناهية عن العمل بالظنّ ، ودعوى عدم شمولها لأنفسها مسلّمة من حيث الدلالة لا من حيث العلم بالمناط.
٢٣٢. يعني : من العمل بالظواهر.