يعرف من كتاب الله (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ،) ثمّ قال : امسح عليه» (٣١) ، فأحال عليهالسلام معرفة حكم المسح على إصبعه المغطّى بالمرارة إلى الكتاب ، موميا إلى أنّ هذا لا يحتاج إلى السؤال ؛ لوجوده في ظاهر القرآن.
ولا يخفى أنّ استفادة الحكم المذكور من ظاهر الآية الشريفة ممّا لا يظهر إلّا للمتأمّل المدقّق ؛ نظرا إلى أنّ الآية الشريفة إنّما تدلّ على نفي وجوب الحرج ، أعني المسح على نفس الإصبع ، فيدور الأمر في بادئ النظر بين سقوط المسح رأسا وبين بقائه مع سقوط قيد «مباشرة الماسح للممسوح» ، فهو بظاهره لا يدلّ على ما حكم به الإمام عليهالسلام ، لكن يعلم عند التأمّل : أنّ الموجب للحرج هو اعتبار المباشرة في المسح ، فهو الساقط دون أصل المسح ، فيصير نفي الحرج دليلا على سقوط اعتبار المباشرة في المسح ، فيمسح على الإصبع المغطّى. فإذا أحال الإمام عليهالسلام استفادة مثل هذا الحكم إلى الكتاب ، فكيف يحتاج نفي وجوب الغسل أو الوضوء عند الحرج الشديد المستفاد من ظاهر الآية المذكورة أو غير ذلك من الأحكام التي يعرفها كلّ عارف باللسان من ظاهر القرآن ، إلى ورود التفسير بذلك من أهل البيت عليهمالسلام. ومن ذلك : ما ورد من أنّ المصلّي أربعا في السفر إن قرئت عليه آية القصر وجب عليه الإعادة ، وإلّا فلا (٣٢) ، وفي بعض الروايات : «إن قرئت عليه وفسّرت له» (٣٣). والظاهر ـ ولو بحكم (٢١٩) أصالة الإطلاق في باقي الروايات ـ : أنّ المراد من تفسيرها له بيان أنّ المراد من قوله تعالى : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا)
______________________________________________________
فإنّه لا مرارة له. والجمع مرار.
٢١٩. دفع لما يتوهّم ممّا ورد في بعض الروايات من توقّف العمل بظاهر الآية على ورود تفسير من أهل البيت عليهمالسلام ، فيكون مؤيّدا لمطلب الخصم بمنع كون المراد من اعتبار التفسير فيها اعتباره في العمل بظاهر الآية ، بل لمّا كان نفي الجناح ظاهرا في مجرّد الترخيص ، وكان المراد من الآية وجوب القصر ، فأشار المصنّف رحمهالله ببيان الفرد الخفي ـ أوّلا على وجه الاستظهار ، وثانيا بمقتضى الأصل ـ إلى كون المراد باعتبار التفسير هو اعتباره في استفادة ما هو خلاف الظاهر من الآية لا في العمل بظاهرها.