كون عدم الجواز
بديهيّا عند العوامّ فضلا عن العلماء .
ومن العقل تقبيح العقلاء من يتكلّف من قبل مولاه بما لا يعلم بوروده عن المولى ولو
كان جاهلا مع التقصير. نعم ، قد يتوهّم متوهّم : أنّ الاحتياط من هذا القبيل. وهو
غلط واضح ؛ إذ فرق بين الالتزام بشيء من قبل المولى على أنّه منه مع عدم العلم
بأنّه منه ، وبين الالتزام بإتيانه لاحتمال كونه منه أو رجاء كونه منه ، وشتّان ما
بينهما ؛ لأنّ العقل يستقلّ بقبح الأوّل وحسن الثاني.
______________________________________________________
في النار وواحد في
الجنّة. رجل قضى بجور وهو يعلم ، فهو في النار ورجل قضى بجور وهو لا يعلم أنّه قضى
بجور ، فهو في النار. ورجل قضى بحقّ وهو لا يعلم ، فهو في النار. ورجل قضى بحقّ
وهو يعلم ، فهو في الجنّة». وقال عليهالسلام : «الحكم حكمان : حكم الله عزوجل ، وحكم الجاهليّة
، فمن أخطأ حكم الله حكم حكم الجاهليّة». وفي النبويّ : «القضاة ثلاثة ، واحد في
الجنّة واثنان في النار فالذي في الجنّة رجل عرف الحقّ وقضى به. واللذان في النار
رجل عرف الحقّ فجار في الحكم ، ورجل قضى للناس على جهل» لظهورها في عدم كفاية مطابقة
العمل للواقع في الفرار من النار ، بل لا بدّ فيه من العلم. وتتمّ الدلالة بعدم
القول بالفصل بين القضاء والفتوى. وقوله عليهالسلام : «ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم» وكذا قوله : «ورجل قضى
للناس على جهل» وإن شملا الجاهل القاصر أيضا ، إلّا أنّه لا بدّ من تخصيصهما ـ كسائر
الآيات والأخبار المستدلّ بها على المقام ـ بالجاهل المقصّر.
وقال عليهالسلام فيما رواه في الكافي : «إنّ أدنى الشرك أن تقول للنواة
حصاة وللحصاة نواة ، فتدين به». ووجه الدلالة : أنّ الحكم بكون النواة حصاة
وبالعكس كناية عن أدنى القول بما يخالف الواقع ، وقد جعل التديّن به بمثابة الشرك.
ولا ريب أنّ المظنون لم يعلم كونه من الحقّ الثابت المتلقّى من الشارع ، فتكون
نسبته إليه والتديّن به مع المخالفة للواقع حراما ، وكذا مع الموافقة له ، لعدم
الفصل.