في أواخر سنة ١٠ ه قدم على النبيّ صلىاللهعليهوآله وفد بني حنيفة وفيهم المترجم له ، وهو شيخ كبير ، فاجتمع برسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ رجع إلى اليمامة وادّعى النبوّة ، وادّعى أنّه شريك النبيّ صلىاللهعليهوآله في نبوّته ، فبايعه بنو حنيفة وصدّقوا نبوّته ، فلقّبه النبيّ صلىاللهعليهوآله بالكذّاب.
ثمّ كتب رسالة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله جاء فيها : من مسيلمة رسول الله إلى محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أمّا بعد ، فإنّي قد أشركت معك في الأمر ، وإنّ لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ، ولكنّ قريشا قوم يعتدون.
فأجابه النبيّ صلىاللهعليهوآله : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى مسيلمة الكذّاب ، أمّا بعد ، فالسلام على من اتّبع الهدى ، فإنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين».
بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله أعلن عن دعوته باليمامة ، واستفحل أمره ، ففي سنة ١١ ه ، وقيل : سنة ١٢ ه بعث أبو بكر بن أبي قحافة جيشا بقيادة خالد بن الوليد إلى اليمامة لمحاربة مسيلمة الذي كان يقود جيشا قوامه أكثر من أربعين ألف مقاتل ، وبعد معارك عديدة تمكّن أحد قادة جيش خالد المدعوّ البراء بن مالك ، وقيل : وحشيّ بن حرب ، وقيل غيرهما من قتل مسيلمة بعقرباء ـ منزل من أرض اليمامة ـ وإيقاع الهزيمة بجيشه ، ويوم هلاكه كان عمره ١٥٠ سنة.
ومن كلامه الذي كان يدّعي أنّه يوحى إليه : يا ضفدع بنت ضفدعة نقّي ما تنقّين ، أعلاك في الماء وأسفلك في الطين ، لا الشارب تمنعين ، ولا الماء تكدّرين.
ومن الوحي الذي كان يدّعي أنّه يوحى إليه : والمبديات زرعا ، والحاصلات حصدا ، والذاريات قمحا ، والطاحنات طحنا ، والخابزات خبزا ، والثاردات ثردا ، واللاقمات لقما ، إهالة وسمنا ، لقد فضّلتم على أهل الوبر ، وما سبقكم أهل المدر.
قال له أحدهم : أمرر يديك على أولاد قومك من بني حنيفة كما يفعل محمّد صلىاللهعليهوآله ، ففعل مسيلمة ذلك ، وأمرّ يده على رءوسهم وحنّكهم ، فقرع كلّ صبيّ مسح رأسه ، ولثغ كلّ صبيّ حنّكه.
لمّا تنبّأ وادّعى نزول الوحي عليه أرفق بقومه الذين صدّقوه ، فوضع عنهم الصلاة ،