غور زعر ، وكانت سبعة مدن ، وقيل : خمسة مدن وهي : سدوم وعمورا ودوما وصاعورا وصابورا ، وقيل : كانت أربعة وهي : سدوم وصديم ولدنا وعميراء ، ويقال : سدوم من أعمال حلب ، والله أعلم.
كان أهل سدوم معروفين برداءة الأخلاق وعدم التعفّف عن المعاصي والمنكرات ، ولا يستحون من إتيان الفاحشة علنا في محافلهم ونواديهم ، ولا يستنكرون المنكرات في أقوالهم وأفعالهم كالمضارطة في المجالس ، وإتيان الرجال فيها ويرى بعضهم بعضا.
كانوا قطّاع طرق ، وكانت السرقة واغتصاب الأموال ديدنهم ، لا يردعهم عن ذلك خجل أو حياء ، بالإضافة إلى تفنّنهم في ضروب الظلم والتعسّف والشرّ والبغي.
كانوا يأتون الذكران شهوة من دون النساء علانية ، فاستغنى الرجال بالرجال باللواط ، والنساء بالنساء بالمساحقة ، ولم يسبقهم إلى ذلك أحد من الناس ، فعرفوا بأصحاب المؤتفكة.
في هذا الجو الفاسد بعث الله نبيّه لوطا عليهالسلام إليهم ، فقام بإرشادهم ووعظهم ونهيهم عمّا هم فيه من الكفر والرذيلة والفحشاء ، وكان يحذّرهم من غضب الله عزوجل ، فكانوا يقابلونه بالسخرية والاستهزاء ، ويهدّدونه بالرجم تارة ، وبطرده من سدوم تارة أخرى.
وبعد أن يئس من إصلاحهم ودعوتهم إلى الحقّ والصراط المستقيم ، ولم يلق منهم إلّا العصيان والتمرّد ، فعند ذاك طلب من الله أن ينزل عليهم العذاب عقابا لأعمالهم وتصرّفاتهم.
ففي أحد الأيّام زاره ثلاثة من الملائكة على هيئة غلمان مرد في غاية الحسن والجمال وهم : جبريل وميكائيل وإسرافيل ، وقيل : كانوا أربعة ، وهم : جبريل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل ، ولوط عليهالسلام لا يعلم بأنّهم ملائكة أرسلهم الله إليه ، فنزلوا ضيوفا عنده ، فلمّا علم أهل سدوم بضيوف لوط عليهالسلام جاءوا إليه يريدون إتيان الفاحشة بضيوفه ، فمنعهم من ذلك ، وبالغ في ردّهم حتّى وصل به الأمر بأن طلب إليهم أن يتزوّجوا بناته ، ولكنّهم لم يصغوا إليه ، وألحّوا على طلبهم ، فأخذ يعتذر إلى ضيوفه ، ولكنّ ضيوفه أعلموه بحقيقة أمرهم ، بأنّهم ملائكة أرسلهم الله لينكلوا