ريح فرفعت ثوبها ، وظهرت عجيزتها ، فقال موسى عليهالسلام لها : امشي خلفي ، ودلّيني على الطريق ، فإنّا أهل بيت لا ننظر في أعقاب النساء.
فلمّا دخل على شعيب عليهالسلام قصّ عليه ما عاناه من فرعون وما لاقاه من التعب والجهد حتى وصل إلى ماء مدين.
بعد أن لمست فيه صفورا الخير والعفّة والشهامة اقترحت على أبيها بأن يستأجره لقوّته وأمانته ، فقال لها شعيب عليهالسلام : أمّا القوّة فنعم ، وأمّا الأمانة فما يدريك بها؟! فذكرت له ما أمرها من المشي خلفه ، فلما سمع ما قالته صفورا تعلّق به وأحبّه وطلب منه البقاء عنده ، وبعد مدّة زوّجه من صفورا.
وبعد أن أقام موسى عليهالسلام عند شعيب عليهالسلام عشر سنين سار بأهله إلى مصر ، وفي الطريق وعند طور سيناء بعثه الله للنبوّة.
ولدت لموسى عليهالسلام جرشون واليعازر.
بعد وفاة موسى عليهالسلام خرجت على رأس مائة ألف رجل من منافقي اليهود لحرب يوشع بن نون وصيّ موسى عليهالسلام ، وهي راكبة على زرافة وتسير في مقدّمة العساكر ، ولمّا انتصر يوشع في الحرب وقعت في الأسر ، فجيء بها إلى يوشع ، فأمر بإطلاق سراحها ، وقال : قد عفوت عنك في الدنيا إلى أن نلقى نبيّ الله موسى عليهالسلام فأشكو ما لقيت منك ومن قومك. فقالت صفورا : وا ويلاه! والله لو أبيحت لي الجنّة لاستحييت أن أرى فيها رسول الله موسى عليهالسلام ، وقد هتكت حجابه ، وخرجت على وصيّه بعده.
ولما جيء بها أسيرة إلى يوشع أشار عليه بعض أصحابه بما لا ينبغي فيها ، فقال : أبعد مضاجعة موسى عليهالسلام لها؟! ولكن أحفظه فيها.
عن النبيّ محمد صلىاللهعليهوآله قال : أصدق النساء فراسة امرأتان ، كلتاهما تفرّستا في موسى عليهالسلام فأصابتا ، إحداهما : امرأة فرعون ، حين قالت : (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ ...) والأخرى : بنت شعيب حين قالت : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ.)
وسنذكر إن شاء الله تفاصيل أكثر عن حياتها في ترجمة حياة موسى بن عمران عليهالسلام.