كان يتعبد الله في غار بأنطاكية ، فكان يقضي أكثر أوقاته فيه ، ولمّا علم قومه بإيمانه واتّباعه شريعة عيسى عليهالسلام قتلوه ، ودفن في أنطاكية ، وذلك قبل أن يرفع الله عيسى عليهالسلام إليه.
وبعد مقتله أنزل الله غضبه على قومه فأهلكهم بالصيحة عن بكرة أبيهم.
قال النبي صلىاللهعليهوآله : الصدّيقون ثلاثة : علي بن أبي طالب عليهالسلام ، ومؤمن آل فرعون ، وحبيب النجّار.
القرآن الكريم وحبيب النجار
قبل أن يستيقظ ضميره ويؤمن بالله وبالمسيحيّة التقى برسولين من حواريّي عيسى عليهالسلام بأنطاكية ، جاءا ليبلّغا للتوحيد وشريعة عيسى عليهالسلام ، وكانا بإذن الله يشفيان الأكمه والأبرص ، ويحييان الموتى ، وبعد أن أخبراه بأمرهما ، طلب منهما أن يشفيا ولدا له كان مريضا منذ زمن بعيد ، فأشفياه ، فآمن بهما وصدّقهما ، وبعد أن في شيء خبرهما في أنطاكية صمّم الملك أنطيخس ـ ملك أنطاكية ـ على قتلهما ، فبلغ ذلك المترجم له ، فهرع إلى الأنطاكيّين يحذّرهم من قتلهما خوفا من غضب الله عليهم ، فنزلت فيه الآية ٢٠ من سورة يس : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ.)
فأجابه قومه : أنت تؤمن بهذين الرسولين وتخالف ديننا ، فنزلت الآية ٢٢ من نفس السورة معبّرة عن جوابه لهم : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.)
فلما سمعوا جوابه هجموا عليه وقتلوه ، فأوجب الله له الجنّة ، وبعد استشهاده تحدثت الآية ٢٦ من السورة نفسها عنه : (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ.)
والآية ٢٧ من نفس السورة : (بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ.)(١)
__________________
(١). انجيل لوقا ، ص ٨٥ ؛ انجيل متى ، ص ٤ ؛ أعلام قرآن ، للخزائلي ، ص ٦٩١ ؛ البدء والتاريخ ، ج ٣ ، ص ١٣٠ ؛ البداية والنهاية ، ج ١ ، ص ٢١٥ ؛ تاريخ انبياء ، للسعيدي ، ص ٤٠٦ و ٤٠٧ ؛ تاريخ حبيب السير ، ج ١ ، ص ١٤٩ ؛ تاريخ الطبري ، ج ١ ، ص ٤٦٢ ـ ٤٦٤ ؛ تاريخ گزيده ، ص ٥٣ ؛ تاريخ مختصر الدول ، ص ٦٥ و ٦٦ ؛ التبيان فى تفسير القرآن ، ج ٨ ، ص ٤٥٠ ـ ٤٥٤ ؛ تفسير البحر المحيط ، ج ٧ ، ص ٣٢٨