(قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ (٢٠٤) وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (٢٠٥)
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً. أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (٢٠٦)
وعدم التفريق في الإيمان بينهم لا يعني أنهم سواء في الفضل عند الله :
(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ). (٢٠٧)
ولا يجوز لنا أن نفضل بعض الرسل على بعض من تلقاء أنفسنا ، ولكن نثبت الفضل لمن فضلهم الله في كتابه. وأفضلهم هم أولو العزم المذكورون في قوله تعالى :
(وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً). (٢٠٨)
وأفضلهم على الإطلاق هو سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، إذ قال :
«أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (٢٠٩) فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل (٢١٠) وأحلت لي الغنائم وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث في قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة» (٢١١)
ولقد كان كل رسول يبعث إلى قومه خاصة في العصور الغابرة لصعوبة الاتصال بين الأمم ، وللاختلاف في ظروف معيشتها ؛ فلم يكن من المناسب أن يبعث رسول لكل الناس ولم يكن بالإمكان حفظ تعاليم الرسل ، كما إن أحوال الأمم كانت تتغير من عصر إلى عصر ؛ ولهذا بعث الله رسلا كثيرين على مر العصور.
فلما وصلت البشرية إلى مستوى من الرقي والنضج يؤهلها لحمل رسالة الإسلام وأصبح بالإمكان الاتصال بين الأمم المختلفة ، وبين الأجيال المتعاقبة ، كانت رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم لكل الناس إلى يوم القيامة :
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). (٢١٢)