من قصص النبي صلىاللهعليهوسلم :
حديث الغار
لم يغفل الرسول صلىاللهعليهوسلم عن جعل القصة وسيلة من وسائل التربية.
ولقد اخترت من قصصه هذه القصة الطريفة لصحتها وأثرها التربوي الرائع :
عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال :
(بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم إذ أصابهم مطر ، فأووا إلى غار ، فانطبق عليهم. فقال بعضهم لبعض : إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق ؛ فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه (٨٠).
فقال واحد منهم : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق (٨١) من أرز ، فذهب وتركه ، وأني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته ، فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا. وأنه أتاني يطلب أجره ، فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فسقها. فقال لي : إنما لي عندك فرق من أرز. فقلت له : اعمد إلى تلك البقر ، فإنها من ذلك الفرق ، فساقها ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا. فانساخت (٨٢) عنهم الصخرة.
فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي ، فأبطأت عنهما ليلة ، فجئت وقد رقدا ، وأهلي وعيالي يتضاغون (٨٣) من الجوع. وكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي ، فكرهت أن أوقظهما ، وكرهت أن أدعهما ، فيستكنا لشربتهما (٨٤) فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر. فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا. فانساخت عنه الصخرة حتى نظروا إلى السماء.
فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي ، وأني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن أتيها بمائة دينار ، فطلبتها حتى قدرت ، فأتيتها بها فدفعتها إليها ، فأمكنتني من نفسها. فلما قعدت بين رجليها قالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه. فقمت وتركت المائة الدينار فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا. ففرج الله عنهم فخرجوا» (٨٥)
وفي الحديث فضل حفظ حق العامل ، وفضل بر الوالدين وخدمتهما وإيثارهما