٣ ـ أسلوب الجدل والحوار
يعتمد هذا الأسلوب في التربية على مقابلة الرأي بالرأي ومقارعة الحجة بالحجة بقصد تغيير رأي المعارض ، وجعله يقتنع بما نراه من الحقائق.
ومع أنه قلما تخلو قصة في القرآن الكريم من ذكر الحوار بين أشخاصها حتى يخيل إلى القارئ أنه ينظر إلى أحداث القصة تقع أمام عينيه ، ويستمع إلى أشخاصها وهم يتحاورون ويتجادلون ؛ مما يعطيها صفة الحيوية ، ويجعلها أكثر متعة وأشد تأثيرا على النفس ، مع ذلك فإن الجدل والحوار يعتبر أسلوبا متميزا من أساليب التربية ونراه بارزا في كثير من آي الذكر الحكيم.
ولقد ندد الله سبحانه بمن يجادل بدون الاعتماد على الحقائق والأدلة الصحيحة ، فقال (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٨٨)
وبين أن من يدفع الحق ويرفض الحقيقة هو متكبر مضل ، ومصيره الذل والعذاب
(ثانِيَ عِطْفِهِ (٨٩) لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ). (٩٠)
وهو متبع للشيطان ، يجري وراء الأوهام :
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ). (٩١)
ونهى الله أن يؤدي الجدال إلى الشحناء والبغضاء ، وأمر أن يكون بالحسنى ، وبقصد الهداية وقبول الحق :
(ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (٩٢).
والجدال بالتي هي أحسن يكون بالدعوة إلى ما التزمنا به دون تفريق بيننا وبين من نخاطبه :
(وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). (٩٣)