٣ ـ مرحلة التمييز :
يصبح الطفل
واعيا مميزا بين السادسة والسابعة من عمره ، وهذه هي السن التي يرسل فيها الأولاد
إلى المدارس الابتدائية ليتعلموا القراءة والكتابة. ويجب تعليمهم تلاوة القرآن
الكريم وتحفيظهم العديد من سوره وأجزائه.
ولقد كان أسلافنا
يعلمون الطفل القرآن ، فيتقوم لسانه ، ويصبح نطقه بالحروف سليما ، ويصير فصيحا
بليغا. أما المدارس التي تهمل تعليم القرآن الكريم ، أو تعتبره مادة ثانوية قليلة
الأهمية ، فإنها مهما خصصت من الساعات لتعليم اللغة العربية لا تستطيع أن تجعل
التلاميذ يتقنونها. ويبقى أحدهم يتعثر في قراءته ويخطئ في كتابته ، ولا يستطيع
التعبير عن أفكاره بأسلوب بليغ ، حتى فشا اللحن بين الطلاب في أعلى المستويات.
وقد وجدت علوم
اللغة في الأصل لخدمة القرآن الكريم ؛ فإذا جعلناه أساسا في التعليم ، وجعلنا
النحو والصرف وقواعد الإملاء والبلاغة وسيلة لحفظه أمكننا حفظ القرآن واللغة التي
نزل بها. أما إذا أهملنا القرآن أو قللنا من أهميته ، واعتبرنا اللغة غاية بذاتها
، فإنا نعرضها وإياه للضياع لو لا أن تكفل الله بحفظه.
ولا يوجد دافع
يجعل الطالب يعتبر اللغة العربية الفصحى غاية ، ويحرص على تعلمها لذاتها ، لا سيما
وهو يتكلم اللهجة العامية ، ويسمع أهله والناس حوله يتكلمون بها ، ولكنه حين يعلم
أنها لغة الكتاب الذي أنزله الله ، وأمره بترتيله ، وتدبره والاهتداء بهديه ، فإنه
يحرص على تعلمها وحفظ قواعدها وعلومها. ولقد أدرك الأدباء والكتاب هذا مؤخرا ، مما
جعل مجمع اللغة العربية بالقاهرة في مؤتمر الدورة الحادية والخمسين سنة ١٩٨٥ م
يوصي" بأن تزود مكتبات مدارس التعليم العام بتسجيلات المصحف المرتل ، لتمكين
الطلبة من محاكاة الفصحى والنطق بها نطقا سليما ، وأن تهتم وزارات التربية بزيادة
رصيد الطلبة من محفوظات القرآن الكريم ، ليزداد وعيهم بالألفاظ والأساليب
القرآنية". (٢٠)
ولا ضير من
تعليم الطلاب العرب غير المسلمين القرآن الكريم وتفسيره لهم وبيان أحكامه ،
ودعوتهم إلى العمل به. وليس في ذلك إكراه لهم على اعتناق الإسلام ولا يجوز لعربي
أن يجهل الكتاب الذي حفظ لغة أمته ، وجعل لها حضارة وأمجادا تعتز بها.