وكان صلىاللهعليهوسلم يعطف على الصغار ، ويشعرهم بالرحمة في كل أحواله ، لا
يمنعه من ذلك قيامه للخطبة أو الصلاة :
عن عبد الله بن
بريدة عن أبيه ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال : رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم يخطب ، فجاء الحسن والحسين ـ رضي الله عنهما ـ وعليهما
قميصان أحمران ، يمشيان ويعثران. فنزل النبي صلىاللهعليهوسلم فحملهما ، ووضعهما بين يديه ثم قال : (صدق الله عزوجل : (إِنَّما أَمْوالُكُمْ
وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ). نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى
قطعت حديثي ورفعتهما) (١٧).
وعن عبد الله
بن شداد عن أبيه قال : (خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في إحدى صلاتي العشاء ، وهو حامل حسنا أو حسينا ، فتقدم
رسول الله صلىاللهعليهوسلم فوضعه ، ثم كبر للصلاة فصلى ، فسجد بين ظهراني صلاته
سجدة أطالها. قال أبي : فرفعت رأسي ، وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو ساجد ، فرجعت إلى سجودي. فلما قضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصلاة قال الناس يا رسول الله! إنك سجدت بين ظهراني
صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر ، أو أنه يوحى إليك؟ قال : «كل ذلك لم
يكن ، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته» (١٨).
ولا تمنع
الصلاة من حمل الطفل وإشعاره بالعطف.
عن أبي قتادة
الأنصاري (أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يصلي وهو حامل أمامه بنت زينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فإذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها» (١٩).
فكان يحملها
على عاتقه ، حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها ، ثم ركع وسجد ، حتى إذا فرغ من
سجوده قام وأخذها ، فردها في مكانها. ولعل السر في حملها أن يدفع ما كانت تألفه
العرب من كراهة البنات وحملهن ، فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة ، للمبالغة في
ردعهم. والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول.
وبهذا ينشأ
الطفل محبا لوالديه وأقاربه ، ويشب على احترام الكبار وإكرامهم.
وفي هذه
المرحلة يعرف الطفل بربه ، ويبين له أن الله هو الخالق المنعم بكل شيء ويغرس في
قلبه حب الله ورسوله. وفيها يتعلم الطفل الكلمات ، فيجب أن يجنب الكلمات البذيئة ،
وأن يعود على النظافة وآداب الطعام والشراب ، ويعلم ما يسهل عليه من سورة القرآن
الكريم.