كتابه حاويا لآراء
السلف الصالح في غريب القرآن.
غريب القرآن وأهميته
لم يخل عصر من
العصور ممن جمع في هذا الفن شيئا ، وانفرد فيه بتأليف ، واستبد فيه بتصنيف ،
واستمر الحال إلى عهد صاحبنا ، بل حتى عصرنا الذي نعيشه الآن ؛ وذلك لأهمية
الموضوع.
تعريف الغريب لغة :
قال الخطابي :
" الغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد عن الفهم ، كالغريب من الناس ،
إنما هو البعيد عن الوطن المنقطع عن الأهل ، ومنه قولك للرجل إذا نحيته أو أقصيته
: اغرب عني : أي : ابعد ، فيقال : غرب الرجل يغرب غربا إذا تنحى وذهب ، وغرب غربة
إذا انقطع عن أهله وغربت الكلمة غرابة ، وغربت الشمس غروبا ، ثم إن الغريب يقال به
على وجهين :
أحدهما : أن يراد
به بعيد المعنى غامضه ، لا يتناوله الفهم إلا عن بعد ومعاناة فكر.
والوجه الآخر : أن
يراد به كلام من بعدت به الدار ، ونأى به المحل من شواذ قبائل العرب ، فإدا وقعت
إلينا الكلمة من لغاتهم استغربناها ، وإنما هي من كلام القوم وبيانهم ، ومن هذا ما
جاء عن بعضهم عند ما قال له قائل : أسألك عن حرف من الغريب فقال : هو كلام القوم ،
إنما الغريب أنت وأمثالك من الدخلاء فيه".
وقال أبو القاسم
الزجاجي في معرض حديثه عن باب الفرق بين النحو واللغة والإعراب والغريب : "
وأما الغريب فهو ما قل استماعه من اللغة ، ولم يدر في أفواه العامة كما دار في
أفواه الخاصة ، كقولهم : صكمت الرجل ، أي : لكمته ، وقولهم للشمس : يوح ، وقولهم :
رجل ظروري : للكيّس ، وهذا كثير جدا ، وهذا وما أشبهه ، وإن كان غريبا عند قوم فهو
معروف عند العلماء ، وليس كل العرب يعرفون اللغة كلها ، غريبها وواضحها ،
ومستعملها وشاذها ، بل هم في ذلك طبقات يتفاضلون فيها".
وإذا تأملنا ما
قاله في هذا الصدد الإمام الزركشي نجده أصاب كبد الحقيقة والمسألة ، وقد تكلم
بكلام قيم عظيم في كتابه البرهان ، فقد قسم علوم القرآن إلى سبعة وأربعين نوعا ،
وجعل النوع الثامن عشر : لمعرفة الغريب ، وقال : " هو معرفة