سورة الفيل
(بِأَصْحابِ الْفِيلِ) : أبرهة الأشرم وجنوده ، وكان ملك صنعاء واليمن من قبل أصحمة ملك الحبشة ، بنى كنيسة بصنعاء وسماها القلّيس على وزن القبيط ، وأراد أن يصرف إليها الحاج ، فخرج من كنانة رجل من الحجاز إلى أن جاء صنعاء ودخلها ، فأحدث فيها ليلا ، فعلم الملك بذلك فغضب ، وقيل : إن جماعة من العرب أججت نارا فحملتها الريح فأحرقتها ، فحلف ليهد من الكعبة ، فخرج بالحبشة ومعه فيل اسمه محمود وهو في مقدم الفيلة التي كانت معه ، قيل : كان عددها اثني عشر فيلا ، وقيل : ثمانية ، وقيل : ألف ؛ فوجه أبرهة إلى مكة بالأفيلة وعساكره ، وكان كلما وجه الفيل إلى الحرم برك ، وإن وجه إلى اليمن سار ، فلما نزل أبرهة بحرم الله فلقيه عبد المطلب ، وعرض عليه ثلث أموال تهامة ويكرّ راجعا فامتنع وصمم على البغي ؛ فأرسل الله طيرا سودا ، وقيل : خضرا ، وقيل : بيضا مع كل طائر حجر في منقاره وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة فرمتهم الطير بها ، وكان الحجر يقع على الرأس فيخرج من الدبر فهلكوا وخرجوا خائبين ، وأما أبرهة فتساقطت أنامله وآرابه وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه.
(فِي تَضْلِيلٍ) : في تضييع وإبطال ، قال الله تعالى : (وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) [غافر : ٢٥] ومنه سمي امرؤ القيس الملك الضليل ؛ لأنه ضلل ملك أبيه أي : ضيعه ، ووجه الكيد هاهنا أنهم كادوا البيت أولا ببناء الكنيسة ثم أرادوا أن يصرفوا الحاج إليها فضلل كيدهم بإيقاع الحريق فيها ، وكادوه ثانيا بإرادة هدمه فضلّل بإرسال الطير عليهم.
(أَبابِيلَ) : جماعة الواحد إبالة وقيل : لا واحد له من لفظه مثل : عبابيد وشماطيط.
(سِجِّيلٍ) : علم لديوان أعمالهم كأنه قيل بحجارة من حملة العذاب المكتوب المدون ، واشتقاقه من الإسجال وهو الإرسال ؛ لأن العذاب موصوف بذلك ، وقيل : السجيل طين مطبوخ كما يطبخ الآجر ، وقيل : هو معرب.
(كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) العصف : ورق الزرع إذا أكلته الدواب ، وقيل : هو التبن إذا أكلته الدواب وراثته ، ولكنه جاء على آداب القرآن كقوله تعالى : (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) [المائدة : ٧٥] ويحتمل أن يراد بالعصف المأكول أنه أكل حبه فبقى صفرا. والله تعالى أعلم.