(إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١) وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (٨٤)
٨١ ـ (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ) بيان لقوله أتأتون الفاحشة ، والهمزة مثلها في أتأتون للإنكار. إنكم على الإخبار مدني وحفص ، يقال أتى المرأة إذا غشيها (شَهْوَةً) مفعول له ، أي للاشتهاء لا حامل لكم عليه إلا مجرد الشهوة ولا ذمّ أعظم منه ، لأنه وصف لهم بالبهيمية (مِنْ دُونِ النِّساءِ) أي لا من النساء (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) أضرب عن الإنكار إلى الإخبار عنهم بالحال التي توجب ارتكاب القبائح ، وهو أنهم قوم عادتهم الإسراف وتجاوز الحدود في كلّ شيء ، فمن ثم أسرفوا في باب قضاء الشهوة حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتاد.
٨٢ ـ (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) أي لوطا ومن آمن معه ، يعني ما أجابوه بما يكون جوابا عما كلّمهم به لوط من إنكار الفاحشة ووصفهم بصفة الإسراف الذي هو أصل الشرّ ، ولكنهم جاؤوا بشيء آخر لا يتعلق بكلامه ونصيحته من الأمر بإخراجه ومن معه من المؤمنين من قريتهم (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) يدّعون الطهارة ويدعون فعل (١) الخبيث ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : عابوهم بما يتمدّح به.
٨٣ ـ (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ) ومن يختصّ به من ذويه ، أو من المؤمنين (إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) من الباقين في العذاب ، والتذكير لتغليب الذكور على الإناث ، وكانت كافرة موالية لأهل سدوم ، وروي أنها التفتت فأصابها حجر فماتت.
٨٤ ـ (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) وأرسلنا عليهم نوعا من المطر عجيبا ، قالوا أمطر الله عليهم الكبريت والنار ، وقيل خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة (٢) على مسافريهم ، وقال أبو عبيدة (٣) : أمطر في العذاب ومطر في الرحمة (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) الكافرين.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) فعلنا.
(٢) في (ظ) و (ز) حجارة.
(٣) أبو عبيدة : معمر بن المثنى سبق ترجمته في ٢ / ٦٨.