(قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً (٩٥) قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) (٩٧)
٩٥ ـ (قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ) على أقدامهم كما يمشي الإنس ولا يطيرون بأجنحتهم إلى السماء فيسمعوا من أهلها ويعلموا ما يجب علمه (مُطْمَئِنِّينَ) حال ، أي ساكنين في الأرض قارّين (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) يعلّمهم الخير ويهديهم المراشد ، فأما الإنس فإنما يرسل الملك إلى مختار منهم للنبوة ، فيقوم ذلك المختار بدعوتهم وإرشادهم ، وبشرا وملكا حالان من رسولا.
٩٦ ـ (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) على أني بلّغت ما أرسلت به إليكم وأنّكم كذبتم وعاندتم. شهيدا تمييز (١) (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ) المنذرين والمنذرين (خَبِيراً) عالما بأحوالهم (بَصِيراً) بأفعالهم فهو مجازيهم ، وهذه تسلية لرسول الله عليهالسلام ووعيد للكفرة.
٩٧ ـ (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) وبالياء يعقوب وسهل ، وافقهما أبو عمرو ومدني في الوصل ، أي من وفقه الله لقبول ما كان من الهدى فهو المهتدي عند الله (وَمَنْ يُضْلِلْ) أي ومن يخذله ولم يعصمه حتى قبل وساوس الشيطان (فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) أي أنصارا (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) أي يسحبون عليها كقوله : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) (٢) وقيل لرسول الله عليه الصلاة والسلام كيف يمشون على وجوههم قال : (إنّ الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشّيهم على وجوههم) (٣) (عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) كما كانوا في الدنيا لا يستبصرون ولا ينطقون بالحقّ ويتصامّون عن استماعه فهم في الآخرة كذلك لا يبصرون ما يقرّ أعينهم ولا يسمعون ما يلذّ مسامعهم ولا ينطقون بما يقبل منهم (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ) طفئ لهبها (زِدْناهُمْ سَعِيراً) توقّدا.
__________________
(١) زاد في (ز) أو حال.
(٢) القمر ، ٥٤ / ٤٨.
(٣) الترمذي وأحمد وإسحاق والبزار من حديث أبي هريرة ، كنز العمال ١٤ / ٣٩٥٢٤.