يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (٥٢) وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (٥٣) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) (٥٥)
(يَكُونَ قَرِيباً) أي هو قريب ، وعسى للوجوب.
٥٢ ـ (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) إلى المحاسبة وهو يوم القيامة (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) أي تجيبون حامدين ، والباء للحال. عن سعيد بن جبير : ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون سبحانك اللهم وبحمدك (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) أي لبثا قليلا ، أو زمانا قليلا في الدنيا ، أو في القبر.
٥٣ ـ (وَقُلْ لِعِبادِي) وقل للمؤمنين (يَقُولُوا) للمشركين الكلمة (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وألين ولا يخاشنوهم ، وهي أن يقولوا يهديكم الله (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) يلقي بينهم الفساد ويغري بعضهم على بعض ليوقع بينهم المشاقّة. والنزغ : أيقاع الشرّ وإفساد ذات البين ، وقرأ طلحة ينزغ بالكسر وهما لغتان (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) ظاهر العداوة ، أو فسّر التي هي أحسن بقوله :
٥٤ ـ (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) بالهداية والتوفيق (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) بالخذلان ، أي يقولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ولا يقولوا لهم إنكم من أهل النار وإنكم معذّبون وما أشبه ذلك مما يغيظهم ويهيجهم على الشر وقوله : إنّ الشيطان ينزغ بينهم اعتراض (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) حافظا لأعمالهم وموكولا إليك أمرهم ، وإنما أرسلناك بشيرا ونذيرا ، فدارهم ومر أصحابك بالمداراة.
٥٥ ـ (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وبأحوالهم وبكلّ ما يستأهل كلّ واحد منهم (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) فيه إشارة إلى تفضيل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقوله (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) دلالة على وجه تفضيله ، وأنه خاتم الأنبياء ، وأنّ أمته خير الأمم ، لأنّ ذلك مكتوب في زبور داود قال الله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (١) وهم محمد وأمته ، ولم يعرّف الزبور
__________________
(١) الأنبياء ، ٢١ / ١٠٥.