لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ (٣٩) إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٤٢)
(يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى) هو إثبات لما بعد النفي ، أي بلى يبعثهم (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) وهو مصدر مؤكد لما دلّ عليه بلى ، لأنّ يبعث موعد من الله ، وبيّن أنّ الوفاء بهذا الوعد حقّ (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أنّ وعده حقّ ، أو أنهم يبعثون.
٣٩ ـ (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ) متعلق بما دلّ عليه بلى ، أي يبعثهم ليبيّن لهم ، والضمير لمن يموت ، وهو يشمل المؤمنين والكافرين (الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) هو الحقّ (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) في قولهم لا يبعث الله من يموت.
٤٠ ـ (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي فهو يكون ، وبالنصب شامي وعليّ ، على جواب كن ، قولنا مبتدأ ، وأن نقول خبره ، وكن فيكون من كان التامة التي بمعنى الحدوث والوجود ، أي إذا أردنا وجود شيء فليس إلّا أن نقول له احدث فهو يحدث بلا توقف ، وهذه عبارة عن سرعة الإيجاد تبيّن أنّ مرادا لا يمتنع عليه ، وأنّ وجوده عند إرادته غير متوقف كوجود المأمور به عند أمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور المطيع الممتثل ولا قول ثم ، والمعنى أنّ إيجاد كلّ مقدور على الله بهذه السهولة فكيف يمتنع عليه البعث الذي هو من بعض المقدورات.
٤١ ـ (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ) في حقّه ولوجهه (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) هم رسول الله وأصحابه ظلمهم أهل مكة ففروا بدينهم إلى الله ، منهم من هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة فجمع بين الهجرتين ، ومنهم من هاجر إلى المدينة (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) صفة للمصدر أي تبوئة حسنة ، أو لنبوّئنّهم مباءة حسنة ، وهي المدينة حيث آواهم أهلها ونصروهم (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) الوقف لازم عليه لأنّ جواب (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) محذوف والضمير للكفار ، أي لو علموا ذلك لرغبوا في الدين ، أو للمهاجرين ، أي لو كانوا يعلمون لزادوا في اجتهادهم وصبرهم.
٤٢ ـ (الَّذِينَ صَبَرُوا) أي هم الذين صبروا ، أو أعني الذين صبروا وكلاهما مدح ، أي صبروا على مفارقة الوطن الذي هو حرم الله المحبوب في كلّ قلب فكيف