(ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ (٢٧) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (٢٩)
رسل الله ، فجعل الله هلاكهم في تلك المنصوبات كحال قوم بنوا بنيانا وعمّدوه بالأساطين ، فأتي البنيان من الأساطين بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف (١) وهلكوا ، والجمهور على أنّ المراد به نمروذ بن كنعان حين بنى الصرح ببابل طوله خمسة آلاف ذراع ، وقيل فرسخان ، فأهبّ الله الريح فخرّ عليه وعلى قومه ، فهلكوا ، فأتاه (٢) الله أي أمره بالاستئصال (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون.
٢٧ ـ (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ) يذلّهم بعذاب الخزي سوى ما عذّبوا به في الدنيا (وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ) على الإضافة إلى نفسه حكاية لإضافتهم ليوبخهم بها على طريق الاستهزاء بهم (الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) تعادون وتخاصمون المؤمنين في شأنهم ، تشاقون نافع ، أي تشاقونني فيهم ، لأنّ مشاقّة المؤمنين كأنها مشاقّة الله (قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أي الأنبياء والعلماء من أممهم الذين كانوا يدعونهم إلى الإيمان ويعظونهم فلا يلتفتون إليهم ويشاقّونهم يقولون ذلك شماتة بهم ، أو هم الملائكة (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ) الفضيحة (وَالسُّوءَ) العذاب (عَلَى الْكافِرِينَ).
٢٨ ـ (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) وبالياء حمزة ، وكذا ما بعده (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) بالكفر بالله (فَأَلْقَوُا السَّلَمَ) أي الصلح والاستسلام ، أي أخبتوا (٣) وجاؤوا بخلاف ما كانوا عليه في الدنيا من الشقاق ، وقالوا (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) وجحدوا ما وجد منهم من الكفران والعدوان (٤) ، فردّ عليهم أولو العلم ، وقالوا (بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فهو يجازيكم عليه ، وهذا أيضا من الشماتة ، وكذلك :
٢٩ ـ (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) جهنم.
__________________
(١) زاد في (ز) وماتوا.
(٢) في (ظ) و (ز) فأتى.
(٣) في (أ) اخبطوا. من الخبط أي المس والصواب ما اثبتناه من (ظ) و (ز) والإخبات الخشوع.
(٤) في (ز) والعداوة.